نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج جلد : 1 صفحه : 169
أو عدل، وعلى أن يغزوا معهم العدو، ويحج معهم البيت، وتدفع إليهم الصدقات إذا طلبوها ويصلى خلفهم الجمع والأعياد[1].
وأنه لا يصلى خلف أحد من أهل البدع منهم من أجل[2] أنهم قد فسقوا بالبدع، والإمامة موضع فضل، ولا يصح أن يأتم العدل بالفاسق، كما لا يجب أن يأتم القارئ بالأمي ((إلا أن)) [3] يخاف منهم فيصلي معهم، وتعاد الصلاة بعدهم[4]. [1] ذهب أهل السنة والجماعة إلى ما ذكره الأشعري أعلاه مستندين في ذلك إلى ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما رواه عنه عوف بن مالك رضي الله عنه: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنوهم ويلعنونكم، قيل يا رسول الله: أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يداً من طاعة". الحديث أخرجه مسلم في كتاب الإمارة باب 17ج3/ 1481، وأحمد في مسنده 6/24، 28، والدارمي 2/324، وابن أبي عاصم في السنة 2/509.
وقال الإمام أحمد: "والجهاد ماض قائم مع الأئمة بروا أو فجروا لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل، والجمعة والعيدان والحج مع السلطان، وإن لم يكونوا بررة على أتقياء، ودفع الصدقات والخراج والأعشار والفيء والغنائم إلى الأمراء، عدلوا فيها أم جاروا والانقياد إلى من ولاه الله أمركم، لا تنزع يداً من طاعته ولا تخرج عليه بسيفك حتى يجعل الله لك فرجاً ومخرجاً". (انظر رسالة السنة 71، 72) .
وقال الطحاوي: "ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ولا ندعوا عليهم، ولا ننزع يداً من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة" (انظر شرح الطحاوية ص327) .
وقال الحافظ الصابوني: "ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات خلف كل إمام مسلم براً كان أو فاجراً، ويرون جهاد الكفرة معهم وإن كانوا جورة فجرة، ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح، ولا يرون الخروج عليهم وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف". (انظر عقيدة السلف وأصحاب الحديث 1/129) .
وقال النووي: "… لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكراً محققاً تعلمونه من قواعد الإسلام، فإذا رأيتم ذلك فأنكروه عليهم وقولوا بالحق حيث ما كنتم، وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة ظالمين، وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته، وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق…" (انظر شرح النووي على مسلم 12/229، ومجموع فتاوى ابن تيمية 23/247) .
وقد سبق أن ذكرت قول الخوارج والمعتزلة في هذه المسألة انظر الإجماع السابق. [2] ساقطة من (ت) . [3] في الأصل: "لأن" وما أثبته من (ت) . [4] في الجزء الأول من هذا الإجماع - كما رأينا - ذكر الأشعري حكم الصلاة خلف البر والفاسق، وهنا يخصص كلامه في الصلاة خلف المبتدعة وهذا الموضوع له جوانب متعددة يضيق بسطها في هذا المقام. لذا سأوجز القول باختصار وبالله التوفيق.
اعلم أولاً أنه لا يجوز للمسلم أن يصلي خلف المبتدع ما أمكنه ذلك أما إذا لم يتمكن فنظر: إن كان هذا المبتدع يجهر ببدعته ويدعو إليها، فلا يصلي خلفه، وإن صلى أعاد الصلاة، وهذا عند الإمام أحمد والإمام مالك.
وإن كان لا يدعو إلى بدعة فيصلى خلفه ولا تعاد الصلاة على الراجح. (انظر المغني لابن قدامة 2/185، 186) .
وبهذا يظهر أن إطلاق الأشعري القول بعدم الصلاة خلف المبتدعة فيه نظر، ويميل ابن تيمية إلى عدم إعادة الصلاة خلف المبتدعة ويستدل على ذلك بأن الله لم يأمر أحداً قط إذا صلى كما أمر بحسب استطاعته أن يعيد الصلاة. (انظر مجموع الفتاوى 3/286، 287) .
وهذا كله في المبتدع الذي لا يكفر ببدعته، أما من كانت بدعته مكفرة كالروافض والباطنية ومن شاكلهم، فلا تجوز الصلاة خلفهم، كيف وهم كفار زنادقة، وعليه يحمل إطلاق الأشعري السابق، والله أعلم.
نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج جلد : 1 صفحه : 169