أي وجه فعلته؟ ويعلم أنه لا بد أن ينشر لكل حركة وكلمة منه ديوانان: ديوان لمن فعلته؟ وكيف فعلته؟ فالأول سؤال عن الإخلاص، والثاني سؤال عن المتابعة.
فإذا كان العبد مسئولا ومحاسبا على كل شيء، على سمعه وبصره وقلبه، فهو حقيق أن يحاسب نفسه قبل أن يناقش الحساب، وقد دل على وجوب محاسبة النفس قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [1].
والمقصود أن صلاح القلب بمحاسبة النفس، وفساده بإهمالها والاسترسال معها، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله[2].
قال ابن القيم رحمه الله:"فالنفس داعية إلى المهالك، معينة للأعداء، طامحة إلى كل قبيح، متبعة لكل سوء، فهي تحرى بطبعها في ميدان المخالفة.
فالنعمة التي لا خطر لها: الخروج منها، والتخلص من رقها، فإنها أعظم حجاب بين العبد وبين الله تعالى، وأعرف الناس بها أشدهم إزراء عليها، ومقتاً لها"[3]. فنسأل الله أن يعيذنا من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، إنه جواد كريم. [1] سورة الحشر، الآية: 18. [2] انظر إغاثة اللهفان لابن القيم (1/97- 100) . [3] إغاثة اللهفان (1/ 103) .