الأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [1] الآية، وكقوله صلى الله عليه وسلم لما قال له سعد رضي الله عنه: مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمناً فقال صلى الله عليه وسلم"أو مسلماً"[2] يعني أنك لم تطلع على إيمانه وإنما اطلعت على إسلامه من الأعمال الظاهرة، وغير ذلك من الآيات والأحاديث[3].
ووجه هذا الجمع والتفريق بين الإسلام والإيمان حال الاجتماع والافتراق يتضح بتقرير أصل عظيم وهو"أن من الأسماء ما يكون شاملاً لمسميمات متعددة عند إفراده وإطلاقه، فإذا قرن ذلك الاسم بغيره صار دالا على بعض تلك المسميات والاسم المقرون به دال على باقيها"[4].
فبناء على هذا الأصل يقال: إذا أفرد كل من الإسلام والإيمان بالذكر فلا فرق بينهما حينئذ، وإن قرن بين الاسمين كان بينهما فرق. وعليه فهما إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا، فاجتماعهما في الذكر يقتضي افترقهما في المعنى وافترقهما في الذكر يعنى اجتماعهما فى المعنى.
"والتحقيق في الفرق بينهما أن الإيمان هو تصديق القلب وإقراره ومعرفته، والإسلام هو استسلام العبد لله وخضوعه وانقياده له فيكون حينئذ المراد بالإيمان جنس تصديق القلب، وبالإسلام جنس العمل، ومن هنا قال المحققون من العلماء كل مؤمن مسلم فإن من حقق الإيمان ورسخ في قلبه قام بأعمال الإسلام فلا يتحقق القلب بالإيمان إلا وتنبعث الجوارح في أعمال الإسلام، وليس كل مسلم مؤمناً، فإنه قد يكون [1] سورة الحجرات، الآية: 14. [2] تقدم تخريجه (ص 92) . [3] انظر معارج القبول لحافظ حكمي (2/ 24، 25) . [4] جامع العلوم والحكم لابن رجب (ص 26) .