المباينة بين مخلوق ومخلوق دليلٌ على المباينة بين الخالق والمخلوق
قال شيخ الإسلام"
"وأما المثلان المضروبان: فإن الله سبحان وتعالى أخبرنا عما في الجنة من المخلوقات من أصناف المطاعم والمشارب والملابس والمناكح والمساكن، فأخبرنا أن فيها لبناً وعسلاً وخمراً وماء ولحماً وفاكهة وحريراً وذهباً وفضة وحوراً وقصوراً، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: "ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء1"، فإذا كانت تلك الحقائق التي أخبر الله عنها هي موافقة في الأسماء للحقائق الموجودة في الدنيا، وليست مماثلة لها، بل بينهما من التباين ما لا يعلمه إلا الله، فالخالق سبحانه وتعالى أعظم مباينة للمخلوقات من مباينة المخلوق للمخلوق، ومباينته لمخلوقاته أعظم من مباينة موجود الآخرة لموجود الدنيا، إذ المخلوق أقرب إلى المخلوق الموافق له في الاسم من الخالق إلى المخلوق. وهذا بَيِّنٌ واضحٌ، ولهذا افترق الناس في هذا المقام ثلاث فرق:
ـ فالسلف والأئمة وأتباعهم: آمنوا بما أخبر الله به عن نفسه، وعن اليوم الآخر، مع علمهم بالمباينة التي بين ما في الدنيا وبين ما في الآخرة، وأن مباينة الله لخلقه أعظم.
ـ والفريق الثاني: الذين أثبتوا ما أخبر الله به في الآخرة من الثواب
1 أورده ابن جرير الطبري في تفسيره (1/391ـ392) .