مفترقة، كما يقال: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء، يعني في الشبه والطعم والذوق والمنظر واللون، فإذا كان كذلك فالله أبعد من الشبه وأبعد، فإن كنا مشبَّهة عندك إن وحدنا الله إلهاً واحداً بصفات أخذناها عنه وعن كتابه، فوصفناه بما وصف به نفسه في كتابه، فالله في دعواكم أول المشبهين بنفسه، ثم رسوله الذي أنبأنا ذلك، فلا تظلموا أنفسكم ولا تكابروا العلم إذ جهلتموه، فإن التسمية من التشبيه بعيدة[1].
• القسم الثاني:
قالوا: إن هذه الأسماء والصفات المقولة على الرب تعالى وعلى المخلوق مقولة بالاشتراك اللفظي فقط[2]من غير أن يكون بين المسميين معنى عام.
وهذا هو عين التعطيل لأسماء الله وصفاته، وهو نوعٌ من أنواع تفويض المعاني للصفات، وهو أنَّا نتلو اللفظ من غير أن نفهم منه أي معنى، وهذا فيه مع ما فيه من أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يفهموا معاني الصفات، بل يجعلون الرسول صلى الله عليه وسلم بلغ قرآناً بما لا يفهم معناه، وتكلم بأحاديث الصفات وهو لا يفهم معناها ولم يدر ما يقول، ولا يجوز لعاقل أن يظن هذا بأحد العقلاء، فضلاً عن أفضل الخلق وأعلمهم بالله وأفصحهم وأنصحهم للخلق، ومع هذا يجعلونه هو قول السنة وأنه معنى قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7] ، ولو تصوروا حقيقة ما قالوه ولوازمه لعلموا أنه يلزمهم ما هو من أقبح أقوال الكفار في الأنبياء، وهم لا يرتضون مقالة من يقدح في الأنبياء، إذن لاستحلوا قتله وهم مصيبون في ذلك.
وقولهم هذا أعظم القدح في الأنبياء لكن لم يعرفوا ذلك، ولازم القول ليس بقول، وهذا ضلال عظيم وهو أحد أنواع الضلال في كلام الله [1] نقضه على المرسي (1/3.) . [2] انظر: شرح حديث النزول (ص82) ، وشرح العقيدة الطحاوية (1/63) .ر