إذا أطلقت بدون إضافة كما إذا قيل: "الحي، الموجود، السميع ... " أن ذلك موجود في الخارج وفي الأعيان لا في الأذهان فقط وهذا سبب غلطهم، فإن الأسماء المطلقة الكلية لا توجد في الخارج والأعيان وإنما توجد في الخارج والأعيان إذا أضيفت إلى معين[1].
ولكي يتضح أكثر نضرب هذا المثال:
"القدر المشترك الكلي مطلق لا يوجد إلا في الذهن" نذكر هذا المثال وهو: أنك لو طلبت من شخص مثلاً أن يحضر لك الإنسان أو الحيوان، أو يخبرك عن العلم أو الوجود أو نحو ذلك لقال لك: أي إنسان تريد؟ أو أي حيوان تريد؟ فإذا عينته له أحضره لك، لأن الإنسانية المطلقة أو الحيوانية المطلقة ليس لها في الخارج وجود، وإنما هي كلية تطلق على كثيرين لا توجد إلا في الذهن، ولا يمكن وجودها في الخارج إلا معينة.
وكذلك في المثال الآخر: فإنه لن يخبرك إلا عن العلم المطلق فيعرفه لك أو يعرف لك الوجود، فإنه ينقسم
إلى ممكن وواجب ونحو ذلك، وهذا لا يوجد إلا في الذهن ليس له وجود في الخارج، وليس في الخارج إلا المعينات، فلا يمكنه أن يخبرك إلا أن تقول له علم زيد ووجود زيد مثلاً، فلا يشتبه ما في الأذهان بما في الأعيان، وهؤلاء طالما لم يفرقوا بين ما في الأذهان وما في الأعيان وقعوا في الاضطراب والحيرة والغلط[2].
12 ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: "وإن قال نفاة الصفات، إثبات العلم والقدرة والإرادة مستلزم تعدد الصفات وهذا تركيب ممتنع":
أقول: حاصل هذا الكلام: أن من شبهات الجهمية أنهم يزعمون أنه لوثبت لله صفات متعددة كالعلم والبصر والحياة والكلام مثلاً.
يستلزم ذلك تركيباً في الله تعالى، والله منزه عن التركيب. [1] انظر: شرح حديث النزول (ص 83ـ87) ، وشرح العقيدة الطحاوية (1/63) . [2] انظر: صفة النزول الإلهي لعبد القادر محمد (ص367) .