للمخلوق سبحانه وتعالى، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته.
فيُقال لمن نفى الجهة: أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق؟ فالله ليس داخلاً في المخلوقات. أم تريد بالجهة ما وراء العالم؟ فلا ريب أن الله فوق العالم، بائنٌ من المخلوقات.
وكذلك يُقال لمن قال: إن الله في جهة: أتريد بذلك أن الله فوق العالم، أم تريد به أن الله داخل في شيء من المخلوقات؟ فإن أردت الأولَ فهو حق، وإن أردت الثاني فهو باطلٌ.
وكذلك لفظ "المتحيِّز"، إن أراد به أن الله تحوزه المخلوقات فالله أعظم وأكبر، بل قد وسع كرسيه السموات والأرض، وقد قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] .
وقد ثبت في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يقبض الله الأرض ويطوي السموات
بيمينه ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض"[1].
وفي حديث آخر: "وإنه ليدحوها كما يدحو الصبيان بالكرة"[2].
وفي حديث ابن عباس: "ما السموات السبع والأرضون السبع وما فيهن في يد الرحمن إلا كخردلة في يدِ أحدكم"[3].
وإن أراد به أنه منحاز عن المخلوقات، أي مباين لها، منفصل عنها، ليس حالاً فيها، فهو سبحانه كما قال أئمة السنة: فوق سمواته على عرشه، بائنٌ من خلقه". [1] متفق عليه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أخرجه البخاري في صحيحه (8/551) برقم (4812) ، ومسلم في صحيحه (4/2148) برقم (2787) . [2] أخرجه ابن جرير في تفسيره (24/17) سورة الزمر بنحوه، وأورده ابن القيم في الصواعق (1/42 ـ 43) . [3] أخرجه ابن جرير في تفسيره (24/17) في تفسير سورة الزمر.