4ـ شرح القاعد الثانية:
تقدم أن القواعد المقررة في أصول أهل السنة والجماعة في الصفات التوقف على ما ورد، فما أخبر الله به في كتابه وأخبر به رسوله وجب علينا الإيمان به، سواء عرفنا معناه أم لم نعرفه، لأن خبر الله تعالى صادر عن علم تام، فهو أعلم بنفسه وبغيره، ولأن خبر الله أصدق الأخبار، ولأن الله تعالى يريد بما أنزل على عباده من الوحي أن يهتدوا ولا يضلوا، وهكذا خبر النبي صلى الله عليه وسلم صادر عن علم، فهو عليه السلام أعلم الناس بربه وأسمائه وصفاته وأحكامه.
فقد اجتمع في خبر الله وخبر رسوله كمال العلم وكمال الصدق وكمال البيان وكمال القصد والإرادة، وهذه هي مقومات قبول الخبر.
وكذلك ما ثبت باتفاق سلف الأمة وأئمتها وجب قبوله، وعامة هذا الباب "باب الأسماء والصفات" منصوص عليه بالكتاب والسنة متفق عليه بين سلف الأمة.
5 ـ ما تدور عليه هذه القاعدة:
مدار القاعدة على أن ما يذكر من الألفاظ في باب الأسماء والصفات نوعان:
1 ـ ما ورد في الكتاب والسنة وهذه يؤمن بها، ويعمل بمقتضاها.
2 ـ ما لم يرد في الكتاب والسنة وهذه ألفاظ مجملة فيها حق وباطل، والواجب فيها الاستفصال، فيقبل الحق، ويرد الباطل، مع الإنكار على من يستعمل مثل هذه الألفاظ المجملة كما سيأتي قريباً.
6 ـ ليس في كلام الله وكلام رسوله شيء لا يعرف له معنى:
ليس في كلام الله وكلام رسوله شيء لا يعرف له معناه جميع الأمة، بل لا بد أن يكون معروفاً لجميع الأمة أو بعضها لقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] ، ولأنه لو كان فيه ما لا يعلم معناه أحد لكان بعض الشريعة مجهولاً للأمة.