فيجمع في الله وفي كلام الله بين التعطيل والتمثيل، فيكون ملحداً في أسمائه وآياته.
مثال ذلك: أن النصوص كلها دلّت على وصف الإله بالعلو والفوقية على المخلوقات، واستوائه على العرش، فأما علوّه ومباينته للمخلوقات فيُعلم بالعقل الموافق للسمع، وأما الاستواء على العرش فطريق العلم به هو السمع، وليس في الكتاب والسنة وصفٌ له بأنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا مباينه ولا مداخله.
فيظن المتوهم أنه إذا وصف بالاستواء على العرش كان استواؤه كاستواء الإنسان على ظهور الفلك والأنعام، كقوله: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ*لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِه} [الزخرف: 12ـ13] ، فيتخيل أنه إذا كان مستوياً على العرش كان محتاجاً إليه كحاجة المستوي على الفلك والأنعام، فلو انخرقت السفينة لسقط المستوي عليها، ولو عثرت الدابة لخرّ المستوي عليها، فقياس هذا أنه لو عدم العرش لسقط الرب تبارك وتعالى، ثم يريد ـ بزعمه ـ أن ينفي هذا فيقول: ليس استواؤه بقعود ولا استقرار.
ولا يعلم أن مسمى (القعود) و (الاستقرار) يقال فيه ما يقال في مسمى (الاستواء) !، فإن كانت الحاجة داخلة في ذلك فلا فرق بين الاستواء والقعود والاستقرار، وليس هو بهذا المعنى مستوياً ولا مستقراً ولا قاعداً، وإن لم يدخل في مسمى ذلك إلا ما يدخل في مسمى (الاستواء) فإثبات أحدهما ونفي الآخر تحكّم
وقد عُلم أن بين مسمى (الاستواء) و (الاستقرار) و (القعود) فروقاً معروفة، ولكن المقصود هنا أن يُعلم خطأ من ينفي الشيء مع إثبات نظيره.
وكان هذا الخطأ من خطئه في مفهوم استوائه على العرش، حيث ظن أنه مثل استواء الإنسان على ظهور الأنعام والفلك.
وليس في اللفظ ما يدل على ذلك؛ لأنه أضاف الاستواء إلى نفسه الكريمة، كما أضاف إليها سائر أفعاله وصفاته، فذكر أنه خلق ثم استوى،