ولأن الله تعالى أخبرنا بهذه الصفات وهو أعلم بمراده من غيره وقد خاطبنا باللسان العربي المبين، فوجب قبول المعنى على ظاهره اللائق بالله، وإلا لاختلفت الآراء وتفرقت الأمة.
قال ابن قتيبة: "الواجب علينا أن ننتهي في صفات الله إلى حيث انتهى في صفته، أو حيث انتهى رسوله عليه السلام ولا نزيل اللفظ عما تعرفه العرب ونضعه عليه ونمسك عما سوى ذلك"[1].
المقصود: أن الأمر في الصفات كلها كما قال الإمام مالك لمن سأله عن كيفية الاستواء على العرش:
"الاستواء على العرش معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة".
فمن سأل عن كيفية علم الله أو كيفية خلقه وتدبيره قيل له: كما أن ذات الله تعالى لا تشبهها الذوات، فصفاته لا تشبهها الصفات، فالخلق يعرفون الله ويعرفون ما تعرف لهم من صفاته وأفعاله، وأما كيفية ذلك فلا يعلم تأويله إلا الله"[2].
5 ـ ما تدور عليه هذه القاعدة:
تدور هذه القاعدة على مسألتين:
1 ـ أن نصوص الصفات معلومة المعنى بمقتضى اللسان العربي المبين ومعانيها محكمة.
2 ـ أن كيفية الصفات مجهولة فهي من المشابه.
6 ـ الفائدة من تقرير القاعدة الخامسة:
بهذا التقرير الذي تبيّن به أن لا يمكن أن يكون في القرآن شيء لا يعلم معناه إلا الله يتبين بطلان مذهب المفوضة الذين يفوضون علم آيات الصفات، [1] عقيدة الإمام ابن قتيبة (139) . [2] انظر: طريق الوصول للسعدي (ص8) .