وكذلك في العمى، تقول العرب: عَمَى الموجُ يَعْمِي عَمْياً إذا رمى القذى والزَّبَدَ، والأعميان: السيل والجمهل الهائج، وعَمِيَ عليه الأمر إذا التبس، ومنه قوله تعالى: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الآنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ} [القصص: 66] .
وهذه الأمثلة قد يقال في بعضها: إنه عدم ما يقبل المحل الاتصاف به كالصوت ولكن فيها ما لا يقبل كموت الأصنام.
* الثاني: أن الجامدات يمكن اتصافها بذلك، فإن الله سبحانه قادر أن يخلق في الجمادات حياة، كما جعل عصا موسى حيّة تبلع الحبال والعصي.
وإذا في إمكان العادات كان ذلك مما قد علم بالتواتر، وأنتم أيضاً قائلون به في مواضع كثيرة.
وإذا كان الجمادات يمكن اتصافها بالحياة وتوابع الحياة ثبت أن جميع الموجودات يمكن اتصافها بذلك، فيكون الخالق أوْلى بهذا الإمكان.
وإن عنيتم الإمكان الذهني، وهو عدم العلم بالامتناع فهذا حاصل قي حق الله، فإنه لا يعلم امتناع اتصافه بالسمع والبصر والكلام.
• الوجه السادس: أن يقال: هب أنه لابد من العلم بالإمكان الخارجي، فإمكان الوصف للشيء يُعلم تارة بوجوده له، أو بوجوده لنظيره، أو بوجوده لما هو الشيء أوْلَى بذلك منه.
ومعلوم أن الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام ثابتة للموجودات المخلوقة، وممكنة لها، فإمكانها للخالق تعالى أوْلَى وأحرى، فإنها صفات كمال، وهو قابل للاتصاف بالصفات، وإذا كانت ممكنة في حقه فلو لم يتصف بها لا تصف بأضدادها.
• الوجه السابع: أن يقال: مجرد سلب هذه الصفات نقص لذاته، سواء سميت عمى وصمماً وبكماً، أو لم تسم، والعلم بذلك ضروري، فإنا إذا قدرنا موجودَين، أحدهما يسمع ويبصر ويتكلم، والآخر ليس كذلك كان الأول أكمل من الثاني.
ولهذا عاب الله سبحانه من عبد ما تنتفي فيه هذه الصفات، فقال تعالى