responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ت الأرناؤوط نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 64
فِيهَا غَيْرُهُ، بَلْ وُجُودُ هَذَا الْمَوْجُودِ الْمُعَيَّنِ لَا يَشْرَكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، فَكَيْفَ بِوُجُودِ الْخَالِقِ؟ أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: هَذَا هُوَ ذَاكَ، فَالْمُشَارُ إِلَيْهِ وَاحِدٌ لَكِنْ بِوَجْهَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ.
وَبِهَذَا وَمِثْلِهِ يَتَبَيَّنُ لَكَ أَنَّ الْمُشَبِّهَةَ أَخَذُوا هَذَا الْمَعْنَى وَزَادُوا فِيهِ عَلَى الْحَقِّ فَضَلُّوا، وَأَنَّ الْمُعَطِّلَةَ أَخَذُوا نَفْيَ الْمُمَاثَلَةِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ. وَزَادُوا فِيهِ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى ضَلُّوا. وَأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ دَلَّ عَلَى الْحَقِّ الْمَحْضِ الَّذِي تَعْقِلُهُ الْعُقُولُ السَّلِيمَةُ الصَّحِيحَةُ، وَهُوَ الْحَقُّ الْمُعْتَدِلُ الَّذِي لَا انْحِرَافَ فِيهِ.
فَالنُّفَاةُ أَحْسَنُوا فِي تَنْزِيهِ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ عَنِ التَّشْبِيهِ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَكِنْ أَسَاؤُوا فِي نَفْيِ الْمَعَانِي الثَّابِتَةِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
وَالْمُشَبِّهَةُ أَحْسَنُوا فِي إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ، وَلَكِنْ أَسَاؤُوا بِزِيَادَةِ التَّشْبِيهِ.

[تَوَقُّفُ فَهْمِ الْمَعَانِي الْمُعَبَّرِ عَنْهَا بِاللَّفْظِ عَلَى مَعْرِفَةِ عَيْنِهَا]
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُخَاطَبَ لَا يَفْهَمُ الْمَعَانِيَ الْمُعَبَّرَ عَنْهَا بِاللَّفْظِ إِلَّا أَنْ يَعْرِفَ عَيْنَهَا أَوْ مَا يُنَاسِبُ عَيْنَهَا، وَيَكُونُ بَيْنَهَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ وَمُشَابَهَةٌ فِي أَصْلِ الْمَعْنَى، وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ تَفْهِيمُ الْمُخَاطَبِينَ بِدُونِ هَذَا قَطُّ، حَتَّى فِي أَوَّلِ تَعْلِيمِ مَعَانِي الْكَلَامِ بِتَعْلِيمِ مَعَانِي الْأَلْفَاظِ الْمُفْرَدَةِ، مِثْلَ تَرْبِيَةِ الصَّبِيِّ الَّذِي يَعْلَمُ الْبَيَانَ وَاللُّغَةَ، يَنْطِقُ لَهُ بِاللَّفْظِ الْمُفْرَدِ وَيُشَارُ لَهُ إِلَى مَعْنَاهُ إِنْ كَانَ مَشْهُودًا بِالْإِحْسَاسِ الظَّاهِرِ أَوِ الْبَاطِنِ، فَيُقَالُ لَهُ: لَبَنٌ، خُبْزٌ، أُمٌّ، أَبٌ، سَمَاءٌ، أَرْضٌ، شَمْسٌ، قَمَرٌ، مَاءٌ، وَيُشَارُ لَهُ مَعَ الْعِبَارَةِ إِلَى كُلِّ مُسَمًّى مِنْ هَذِهِ الْمُسَمَّيَاتِ، وَإِلَّا لَمْ يَفْهَمْ مَعْنَى اللَّفْظِ وَمُرَادَ النَّاطِقِ بِهِ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ يَسْتَغْنِي عَنِ التَّعْلِيمِ السَّمْعِيِّ، كَيْفَ وَآدَمُ أَبُو الْبَشَرِ وَأَوَّلُ مَا عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أُصُولَ الْأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ وَهِيَ الْأَسْمَاءُ كُلُّهَا، وَكَلَّمَهُ وَعَلَّمَهُ بِخِطَابِ الْوَحْيِ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْلِ.

نام کتاب : شرح الطحاوية - ت الأرناؤوط نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 64
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست