فهو يرانا كل حين، فما نلفظ من قول، ولا نعمل من عمل ولا حركة ولا سكون، إلا والله تبارك وتعالى مطِّلع ورقيب علينا، يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19] .
إذا استشعر العبد افتقاره، وعلم أنه لو وكل إِلَى نفسه طرفة عين لغفل عن طاعة الله، ووقع في معصيته، وربما هلك بسبب ذلك، ففي هذه الحالة لا يتصور منه صدور الذنب، هذا هو الفرق بين المقامين، أُولَئِكَ يقولون: إذا استشعر العبد وشهد أن ما يفعله هو مقدور لله مقضي له، أصبحت أعماله جميعاً طاعات، لكن أولياء الرحمان لا يقولون هذا، بل ذلك باطل أشد البطلان، وأما الحق فهو: أن تستشعر هذه الحالة العالية السامية، فحينئذٍ لا تفعل الذنب، لأنك متى مرَّ بك حال تستشعر فيه أن الله رقيب مطلع عليك، وأنك لو عصيته لوكلك إِلَى نفسك فتكون الأعمال صالحة لذلك، لأنها وفق درجة الإحسان لا وفق القدر.
متى تكون الأعمال طاعات
تكون أفعال العبد طاعات إذا كانت جميعاً عَلَى مقتضى مراقبة الله سبحانه خاصة، واستشعار عظمة الله، واستحضار افتقاره إِلَى الله تعالى، وأن أقداره تنفذ فيه، بنى عَلَى ذلك دوام الصلة بالله، ودعاء الله الهداية والثبات، فتكون الأعمال حينئذ طاعات، إذاً هذا مفرق طريق بين هَؤُلاءِ وبين هَؤُلاءِ.