قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وكان النبي يبعث إِلَى قومه خاصة وبعثت إِلَى الخلق عامة) فبعثه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى الخلق عامة، وفي هذه القضية يقول الإمامابن أبي العز: وهذا معلوم من الدين بالضرورة، أي أن: عموم بعثته إِلَى جميع العالمين مسألة مجمع عليها بين الْمُسْلِمِينَ وهي معلومة من الدين بالضرورة، أي أن فيها المعرفة البديهية التي يجدها الإِنسَان في نفسه ضرورة دون حاجة إِلَى استدلال ولا بحث ولا نظر، فكل مسلم يعلم ضرورة من نفسه أن محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو رَسُول الله إِلَى العالمين أجمعين، ولم يخالف فيها إلا طائفتان من غير الْمُسْلِمِينَ.
الطائفتان من غير المسلمين اللتان تخالفان في أن نبينا صلى الله علي وسلم بعث إلى العالمين
الطائفة الأولى: فرقة من اليهود يقال لهم العيسوية، ظهرت في أيام أبي جعفر المنصور وكانوا من يهود إيران أي (من يهود الفرس العجم) واليهود في هذه البلاد كثيرون، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يتبع الدجال سبعون ألفاً من يهود أصبهان عليهم الطيالسة) ، وما يزال اليهودفي هذه المدينة -مدينة أصبهان - ولهم فيها أكبر تجمع يهودي، وأصل وجود اليهودهناك، وهو أنه لما سلط الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليهم بختنصر كما قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَار [الإسراء:5] فهو الذي جاس خلال الديار، وأخذ بني إسرائيل وسباهم إِلَى أرض فارس، فتناسلوا هنالك، الشاهد أن هذه العيسوية قامت بثورة في أيام أبي جعفر المنصور، وَقَالُوا: إن محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يبعث إِلَى العالمين، وَقَالُوا: حتى لا نكذبه: هو مبعوث إِلَى العرب خاصة.