يقول المصنف: [ونحن إِلَى تقرير رؤيته - أي: رؤية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لجبريل أحوج منا إِلَى تقرير رؤيته لربه تَعَالَى وإن كانت رؤية الرب تَعَالَى أعظم وأعلى فإن النبوة لا يتوقف ثبوتها عليها ألبتة] .
معنى كلامه نَحْنُ أحوج إِلَى أن نثبت ونقرر رؤية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجبريل، ولا شك أن رؤية الله أعظم من ذلك، ولكن لا تتوقف النبوة عَلَى إثبات أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى ربه، إذ من المعلوم لدى جميع الأمم التي تؤمن أن الله يرسل رسلاً وأولئك الرسل لم يقل أحد منهم إني رأيت ربي.
فمعلوم عند بني الإِنسَان أن رؤية الله تَعَالَى ليست شرطاً في النبوة، لكن نَحْنُ أحوج إِلَى تقرير أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى جبريل، وهذا تقريره عظيم ومهم؛ لأن فيه علاقة بإثبات النبوة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن من النَّاس من قالوا: إن الشياطين تنزلت بالقرآن فنفى الله ذلك وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ [الشعراء:210-211] . قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ [النحل:24] ولم يكن المُشْرِكُونَ ينفون الوحي من ربه، وأنه لم يرى ربه؛ بل كانوا يقولون إن هذا الوحي ليس عن طريق ملك، وإنما هو شيطان يلقي إليه هذا القول.