ونقول لهم أما إذا كان المقصود بالمعرفة عندكم معرفة أسماء الله وصفاته وحقه على العباد وحق العباد عليه سبحانه وتعالى فهذه لا خلاف فيها، ولذلك جاء في رواية للبخاري في كتاب الزكاة (فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات) فمعرفة الله هي: ذات التوحيد، لكن التوحيد أو المعرفة عندنا غير المعرفة العقلية عندهم، فهم يريدون معرفة عقلية فلسفية نظرية.
مثلاً يقول المعتزلة: يجب عليه أن يعرف الأصول الخمسة:
ا-العدل.
2-التوحيد.
3-الوعد والوعيد.
4- المنزلة بين المنزلتين.
5-الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولهم على كل واحدة منها تأويل وتفسير.
فمعرفة الله -كما وضعوا- تعني معرفته ذاتاً مجردة من جميع الصفات كما يريد الجهمية، أو معرفته بماله من أسماء، ولا يثبت له أي صفة أبداً كما يقول المعتزلة، أو معرفته بأن نثبت له بعض الصفات، إما سبعة، أو تسعة، أو إحدى عشر، أو ثلاثة عشر، كما يقول الأشعرية. وننفي عنه الباقي. هذه هي المعرفة التي يريدها أهل البدع. ويقولون: معرفة الله -أي: معرفة وحدانيته-.
فنحن نقول: توحيد الله هو: إفراد الله بالعبادة، لأن التوحيد مصدر وحد يوحد توحيداً. فمعرفة وحدانيته هو: إفراد الله بالعبادة، وأما وحدانية الله عندهم فهم يقولون في كتب علم الكلام: هو نفي الكمية المتصلة ونفي الكمية المنفصلة، وهذا كلام فلسفي جاءوا به من الفلسفة اليونانية.
فالكمية المتصلة: أي: ننفي أن يكون هذا الإله أبعاضاً أو أجزاء، فليس له أجزاء ولا أبعاض، ولا هو أرباع ولا هو كسور.
والكمية المنفصلة: أي: هو واحد، لا نقول اثنين، ولا ثلاثة، ولا أربعة، ولا خمسة، فهو واحد ليس هناك كمية منفصلة عنه ولا كمية متصلة به.
هذا هو التوحيد عندهم، لذلك لا يكفرون من يعبد ويدعو غير الله ويذبح لغير الله.