فمن رام علم ما حُظر عنه علمه ولم يقنع بالتسليم فهمه حجبه مرامه عن خالص التوحيد وصافي المعرفة وصحيح الإيمان
المعنى: من رام يعني: من أراد وقصد أن يعلم علمًا محظورًا عليه ممنوعًا منه شرعًا، كأن يريد أن يعلم الكيفية كيفية الصفات، يعلم يريد أن يعلم حقائق الآخرة هذا ممنوع، فإذًا من رام علم هذا العلم المحظور، ومن رام علم حُظِر عنه ما منع منه، من رام علم ما حُظر عليه علمه، حجبه مرامه عن صحيح الاعتقاد وصافي المعرفة، وصحيح الإيمان، يعني قصد، وأراد أن يصل إلى العلم الذي مُنع منه شرعًا تعلم الكيفية في الصفات، وعلم حقائق الآخرة، ولم يقنع بالتسليم فهمه ما مُنع بالتسليم للنصوص، حجبه مرامه، يعني هذا القصد السيئ حجبه عن صافى المعرفة، وصحيح الاعتقاد، وصحة الإيمان، فصار في إيمانه خلل في تحقيقه للتوحيد ضعف ونقص، وفي إيمانه دخن؛ لأنه طلب شيئًا ممنوعًا منه.
فالواجب على الإنسان ألا يطلب شيئًا ممنوعًا منه، أنت مُنِعت من علم الكيفية، ما تستطيع أن تصل إلى علم كيفية الصفات اتصاف الرب بالصفة ممنوع من أن تطلب علم كيفية الذات ذات الرب ممنوع من ما تعلم حقائق الآخرة، فإذا طلبت هذا الشيء، أو لم تقنع بالتسليم فإن طلبك هذا يحجبك عن المعرفة الصحيحة، ويحجبك عن حقيقة التوحيد ويحجبك عن صحة الإيمان، فيكون في إيمانك دخن، وسبب الإعراض، وسبب اختلال كثير من الناس هو الإعراض عن كل كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم والاشتغال بكلام اليونان، والآراء المختلفة.
ولهذا يُسمَّون أهل الكلام، وإنما سُمّوا أهل كلام؛ لأنهم لم يشيدوا علمًا لم يكن معروفا، وإنما أتوا بزيادة كلام لا يفيد وهما يضربونه من القياس لإيضاح ما عُلم من الحس، وإن كان هذا القياس وأمثاله امتحنوا به في موضع آخر ومع من ينكر الحس. نعم.