responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية نویسنده : الراجحي، عبد العزيز    جلد : 1  صفحه : 21
وَلَا يَكُونُ إِلَّا مَا يُرِيدُ

ولا يكون إلا ما يريد هذا فيه إثبات الإرادة، وكل ما يكون في هذا الكون فالله أراده؛ لأنه لا يقع في ملك الله إلا ما يريد، فلا يكون شيء إلا ما أراده الله كل ما في هذا الكون من المخلوقات فالله أراد وجودها؛ لأن الله هو المالك، المدبِّر، المسيّر، فلا يكون في ملكه إلا ما يريد، فلا يكون في ملك الله إلا ما يريد من الذوات والصفات والأفعال.
كل ما في هذا الكون من الموجودات، من الأعيان، والذوات والصفات، والأفعال، فالله أراد وجودها؛ لأنه لا يكون في ملكه إلا ما يريد، وأراد -رحمه الله- أن يرد على القَدَرية، الذين يقولون ... القدرية من المعتزلة يقولون: إنه يقع في ملك الله شيء لا يريده الله فيقولون: إن الله تعالى أراد الإيمان من الناس كلهم، ولكن الكافر والعاصي أراد الكفر، والمعصية فوقع الكفر، والله لا يريد الكفر، ووقعت المعاصي، والله لا يريد المعاصي.
فألزمهم أهل السنة والجماعة بأنهم قالوا بأنه يقع في ملك الله ما لا يريد.وهذا يلزم مِنه تَنَقُّص الرب عز وجل وأنه يقع في ملكه شيء لا يريده، تنقص للرب -سبحانه وتعالى-، وأهل السنة والجماعة يقولون: إن الله تعالى، وإن كان أراد وقوع الكُفْر والمعاصي كونا وقدرا، لكنه لا يريدها دينا وشرعا.ولا يحبها، ولا يرضاها، ولا يأمر بها، بل ينهى عنها، ويبغضها، ويسخطها، ويكرهها، فالله تعالى وإن أرادها كونا وقدرا إلا أنه لا يريدها دينا وشرعا.
ولهذا يقسم أهل السنة والجماعة الإرادة إلى قسمين أو إلى نوعين:
إرادة كونية، قَدَرية، خَلْقية؛ هذه الأولى.
والثانية: إرادة دينية شرعية أمْرية.فالأولى إرادة كونية، قَدَرية، خَلْقية: ترادف المشيئة، وهى مشيئته الشاملة لجميع الموجودات.
هذه الإرادة الكونية القَدَرية الخلقية هي المشيئة الشاملة لجميع الحوادث. جميع ما في الكون يقع بالإرادة الكونية.والإرادة الثانية: إرادة دينية شرعية أمْرية: متضمنة للمحبة والإرادة، ولكل نوع من النوعين أدلة من الكتاب العزيز ومن السنة.
فمن أدلة الإرادة الكونية القَدَرية الخَلْقية قول الله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} .
هذه إرادة كونية قدرية من أراد الله أن يهديه للإسلام شرح صدره، ومن أراد أن يضله جعل صدره ضيقا حرجا.
ومن الأدلة قول الله تعالى عن نوح -عليه الصلاة والسلام- إنه قال لقومه: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34) } هذه إرادة كونية {إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} يعنى كونا وقدرا، {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ} كونا وقدرا {يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ} كونا وقدرا {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} .
ومن الأدلة قول الله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253) } أما الإرادة الدينية والشرعية فمن أدلتها قول الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} يعنى دينا وشرعا، {وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} وقول الله عز وجل {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6) } .
وقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28) } وقوله سبحانه: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) } .
هذه إرادة دينية شرعية. فأهل السنة والجماعة جمعوا بين النصوص فقسموا الإرادة إلى قسمين: إرادة قَدَرية، كونية، خَلْقية كما في هذه الآية. وإرادة دينية شرعية أمْرية. ولم يقسموها مِن عند أنفسهم.! لا. إنما أخذوا هذا من النصوص، استدلوا بالنصوص.
فالإرادة الكونية القَدَرية هي الإرادة الشاملة لجميع الحوادث، ولا يتخلَّف مُرادها، وهي المذكورة في قول المسلمين: "ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن".
نام کتاب : شرح الطحاوية نویسنده : الراجحي، عبد العزيز    جلد : 1  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست