responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية نویسنده : الراجحي، عبد العزيز    جلد : 1  صفحه : 385
ومن السنة حديث: (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله) ثم قرأ قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75) } أي الذين يعرفون الشيء بسمته رواه الترمذي بسند ضعيف. وقال تعالى: فيما يروي الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل أنه، قال: (من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة) ورواية البخاري: (فقد آذنته بمحاربة، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به) إلى قوله: (وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه)
فظهر أن الاستقامة حظ الرب، وطلب الكرامة حظ النفس، هل تدل الخوارق على إكرام من ظهرت على يديه؟ .
اليسر والكرامة والنعمة والنعم والغنى والظلم والشدة والفقر ليست دليلا على الرضا، ولا على السحظ فما يبتلي الله به عباده من اليسر بخرق العادة، أو بغيرها أو بالضر ليس ذلك من أجل كرامة العبد على ربه ولا هوانه عليه، بل قد سعد بها قوم إذا أطاعوا الله، وشقي بها قوم إذا عصوا الله، دليل ذلك قول الله تعالى: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا}
ووجه الاستدلال: أن الله زجر من ظن أن الغنى دليل على الكرامة والفقر دليل الإهانة.
أقسام الناس بعد حصول الخارق:
الناس في هذه الأمور ثلاثة أقسام: قسم ترتفع درجتهم بخرق العادة، وقسم يتعرضون بها لعذاب الله، وقسم تكون في حقهم بمنزلة المباحات. وهذا التقسيم للناس مبني على التقسيم السابق للخارق إلى محمود في الدين، ومذموم في الدين ومباح.
أعظم كرامة يعطاها الولي، ما هي أعظم كرامة يعطاها الولي؟ والكرامة الحقيقية؟ الكرامة الحقيقية وأعظم كرامة يعطاها الولي هي لزوم الاستقامة. هذه أعظم كرامة. أعظم كرامة يعطاها الولي هي لزوم الاستقامة، وهي موافقة الله لما يحبه ويرضاه، وهي طاعته وطاعة رسوله ومولاه أوليائه ومعاداة أعدائه، وهؤلاء هم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
الفرق بين حالتي طلب الاستقامة وطلب الكرامة؟ هو أن الاستقامةحظ الرب، والكرامة حظ النفس، فمن يسعى في طلب الاستقامة فهو يسعى في طلب حظ الرب، ومن يسعى في طلب الكرامة، فهو يسعى في طلب حظ النفس كما قال أبو علي الجوزجاني: كن طالبا للاستقامة لا طالبا للكرامة؛ فإن نفسك متحدثة في طلب الكرامة، وربك يطلب منك الاستقامة.
المنكرون للكرامات لكرامات الأولياء وشبهتهم والرد عليهم أنكرت المعتزلة كرامات الأولياء وخوارق السحرة والكهان، وكذلك الرافضة وهي ما يقع من الخوارق على يد صالح وولي، شبهتهم لو وقعت الكرامة على يد ولي لأشبهت المعجزة، فلو صحت لأشبهت المعجزة فيؤدي إلى التباس النبي بالولي، فلا تعرف النبي من الولي أجاب الجمهور في الرد عليهم من وجهين:
أولا: أن إنكاركم للكرامات يناقض المحسوسات والمشاهدات، الثاني: منع الملازمة بين اشتباه المعجزة بالكرامة إذا وقعت، والتباس النبي بالولي، فلا ملازمة بين وقوع الكرامة وصحتها وبين الاشتباه والالتباس بمعجزة؛ لأن النبي يدعي النبوة ويتحدى، والولي لا يدعي الرسالة ولا يتحدى، فهذه الدعوة إنما تصح إذا كان الولي يأتي بالخارق، ويدعي النبوة ويتحدى بهذا الخارق، وهذا لا يقع إذ لو ادعى النبوة لم يكن وليا يكن متلفقا كذابا.
أمثلة للكرامات متنوعة في سلف هذه الأمة، وفي الأمم السابقة مما وقع لصدر هذه الأمة ما كان لأسيد بن حضير كان يقرأ سورة الكهف فنزل من السماء مثل الظلة فيها أمثال السرج، وهي الملائكة نزلت لقراءته، ومن ذلك من أمثلة ذلك قصة الصديق في الصحيحين: لما ذهب بثلاثة أضياف معه معه إلى بيته، وجعل لا يأكل لقمة إلا ربا بأسفله أكثر منها، فشبعوا فصارت أكثر مما هي قبل ذلك، فرفعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء إليه أقوام آخرون، فأكلوا منها وشبعوا.
ومن ذلك مما حصل لخبيب بن عدي: كان أسيرا عند المشركين بمكة وكان يؤتى بعنب يأكله، وليس بمكة عنب، وعامر بن فهيرة قتل شهيدا فالتمسوا جسده، فلم يقدروا عليه، وكان لما قتل رفع، فرآه ابن طفيل، وقد رفع.
وسفينة مولى رسول صلى الله عليه وسلم أخبر الأسد بأنه رسول رسول الله، فمشى معه الأسد حتى أوصله إلى مقصده، وخالد بن الوليد حاصر حصنا منيعا في القسطنطينية، فقالوا لا نسلم حتى تشرب السم، فشربه فلم يضره، وسعد بن أبي وقاص كان مستجاب الدعوة ما دعا قط إلا استجيب له، وهو الذي هزم جنود كسرى وفتح العراق.

نام کتاب : شرح الطحاوية نویسنده : الراجحي، عبد العزيز    جلد : 1  صفحه : 385
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست