مشروعية البدء بالبسملة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً.
أما بعد: فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة: أهل السنة والجماعة.
وهو الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره.
ومن الإيمان بالله: الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه، وبما وصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل] .
قوله: (بسم الله الرحمن الرحيم) افتتح الشيخ رحمه الله هذه الرسالة المباركة بالبسملة، وهي سنة جارية جرى عليها أهل العلم قديماً وحديثاً تأسياً بكتاب الله عز وجل، حيث افتتح الله عز وجل كتابه بالبسملة، وعملاً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتح كتبه ورسائله بالبسملة، وعلى هذا جرى أهل العلم، وورد في ذلك حديث إلا أنه لا يقوى من حيث السند على إثبات سنية هذه البسملة في أول الرسائل، لكن دليل هذا كتاب الله عز وجل، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم، أما الحديث الوارد في ذلك فهو ضعيف.
والكلام على البسملة واضح، إلا أن شيخ الإسلام رحمه الله اختار في متعلق البسملة أنه اسم، خلافاً لما جرى عليه كثير من النحاة من أن متعلق البسملة فعل، وهذا شيء ينبه عليه؛ لخروجه عن المعروف المشهور في متعلق البسملة، فإن البسملة جملة تامة متعلقة بفعل أو باسم، والشيخ رحمه الله اختار أنها متعلقة باسم مؤخر مناسب، والتقدير: بسم الله الرحمن الرحيم قراءتي، وغيره يقدر فعلاً، فيكون التقدير: بسم الله الرحمن الرحيم أقرأ.
افتتح الشيخ رحمه الله هذه الرسالة بالبسملة وثنى بالحمد، واختار هذه الصيغة في الحمد، وهي من براعة الاستهلال؛ لأن هذه الرسالة تضمنت بيان أمرين: بيان العلم النافع، وبيان العمل الصالح؛ ولذلك قال: الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، والهدى هو العلم النافع، ودين الحق هو العمل الصالح، فالدين معناه العمل كقوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون:6] أي: لكم عملكم ولي عملي.