أما المتعدي بإلى، فهو بمعنى نظر العين، تقول: نظرت إلى كذا، يعني: ببصري، نظرت إليه بعيني بالبصر، كما قال -تعالى-: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ [6] } [1] فهذه الآية هي أدل دليل على إثبات الرؤية لله تعالى، يعني: إثبات رؤية المؤمنين لربهم، إثبات أنه -تعالى- يرى.
ومن الأدلة على ذلك قوله -تعالى- في الكفار: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) } [2] وهذا مما توعد الله به المكذبين، توعدهم بأنهم عن ربهم، يومئذ يعني: يوم القيامة، يوم يصلون نار جهنم {كَلَّا بَلْ [2] رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17) } [3] فتهديد الكافرين بحجبهم عن ربهم، يدل على أن المؤمنين بخلاف ذلك، وأنهم يرون الله، وأنهم يرونه -سبحانه-.
فلو كان المؤمنون لا يرونه، لما كان بينهم وبين المكذبين فرق، ولو كان -تعالى- لا يرى البتة لما كان في قوله: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) } [4] لما كان في هذا الوعيد فائدة؛ لأن الكل محجوب، الكل يستحيل عليه أن يرى الله، بل الله يستحيل أن يرى عند المعطلة.
ومن الأدلة القرآنية على إثبات الرؤية قوله -تعالى-: {* لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [5] وقوله -تعالى-: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) } [6] . [1] - سورة ق آية: 6. [2] - سورة المطففين آية: 15. [3] - سورة المطففين آية: 14-17. [4] - سورة المطففين آية: 15. [5] - سورة يونس آية: 26. [6] - سورة ق آية: 35.