ومضمون هذا الحديث قد جاء -يعني- أصله في القرآن: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) } [1] فهذه الآية شاهدة لما أخبر به الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وكلام الله وكلام رسوله يصدق بعضه بعضا:
" لا تزال جهنم يلقى فيها " يعني أهلها، يلقى فيها أهلها، {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) } [2] أهل جهنم يُلقَون فيها إلقاء، يطرحون طرحا، {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ([3]) " لا تزال جهنم يلقى فيها " يعني أهلها وما يُعبد من دون الله، {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) } [4] أعوذ بالله من النار.
نعم، فقوله - صلى الله عليه وسلم - " لا تزال جهنم " يعني أنها تبقى وتستمر تطلب المزيد، تستمر، فقوله "لا تزال": هذا الفعل يدل على الاستمرار، " يلقى فيها وهي تقول هل من مزيد، حتى يضع رب العزة فيها رجله " في بمعنى على كما في الرواية الأخرى، " فيها رجله " وفي رواية: " عليها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض " تتضايق وينزوي بعضها إلى بعض فتمتلئ، تمتلئ فتقول: قط قط، يعني: يكفي يكفي، نعوذ بالله من النار.
وفي هذا تحقيق لوعده -سبحانه وتعالى-؛ فإنه قد وعد الجنة والنار بمَلئهما أو بمِلئهما؛ إذ " قال للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء، وقال للنار: أنت عذابي أعذب بك من أشاء، وإن عليَّ لكليكما مِلْأها " أو كما قال، أو كما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. [1] - سورة ق آية: 30. [2] - سورة الملك آية: 8. [3] - سورة فصلت آية: 40. [4] - سورة الأنبياء آية: 98.