ودليل الصالحين قوله -تعالى-: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء:57] .
= ففيه ردّ على من فرّق في ذلك من عباد القبور.
فهذا فيه رد على هؤلاء الذين يقولون: إن الشرك عبادة الأصنام، ولا يسوّى عندهم بين من عبد الأصنام وبين من عبد ولياً أو رجلاً صالحاً، وينكرون التسوية بين هؤلاء، ويزعمون أن الشرك مقصورٌ على عبادة الأصنام فقط، وهذا من المغالطة الواضحة من ناحيتين:
الناحية الأولى: أن الله –جل وعلا- في القرآن أنكر على الجميع، وأمر بقتال الجميع.
الناحية الثانية: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- لم يفرّق بين عابدِ صنمٍ وعابد ملك أو رجل صالح.
13 - "ودليل الصالحين" يعني: ودليل أن هناك من عبد الصالحين من البشر: قوله –تعالى-: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} قيل: نزلت هذه الآية فيمن يعبد المسيح وأمه وعزيراً فأخبر –سبحانه- أن المسيح وأمه مريم، وعزيراً كلهم عِبادٌ لله، يتقربون إلى الله ويرجون رحمته ويخافون عذابه، فهم عِبادٌ محتاجون إلى الله مفتقرون إليه يدعونه ويتوسلون إليه بالطاعة {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: 35] ، يعني: القرب منه –سبحانه- بطاعته وعبادته، فدل على أنهم لا يصلحون للعبادة لأنهم بشرٌ محتاجون فقراء، يدعون الله، ويرجون رحمته، ويخافون عذابه، ومن كان كذلك لا يصلح أن يُعبد مع الله –عز وجل-. =