.................................................................................
المشركين الأولين يخلصون لله إذا اشتد بهم الأمر، فلا يدعون غير الله عز وجل لعلمهم أنه لا ينقذ من الشدائد إلا الله كما قال –تعالى-: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا} [الإسراء: 67] ، وفي الآية الأخرى: {وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [لقمان: 32] يعني: مخلصين له الدعاء، {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ} [لقمان: 32] ، وفي الآية الأخرى: {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65] ، فالأولون يشركون في الرخاء، يدعون الأصنام والأحجار والأشجار. أما إذا وقعوا في شدة وأشرفوا على الهلاك فإنهم لا يدعون صنماً ولا شجراً ولا حجراً ولا أي مخلوق، وإنما يدعون الله وحده –سبحانه وتعالى-، فإذا كان لا يخلِّص من الشدائد إلا الله –جل وعلا- فكيف يُدعى غيرُه في الرخاء.
أما مشركو هذا الزمان يعني: المتأخرين الذين حدث فيهم الشرك من هذه الأمة المحمدية فإن شركهم دائم في الرخاء والشدة، لا يُخلصون لله ولا في حالة الشدة، بل كلما اشتد بهم الأمر اشتد شركهم ونداؤهم للحسن والحسين وعبد القادر والرِّفاعي وغير ذلك، هذا شيء معروف، ويذكر عنهم العجائب في البحار، أنهم إذا اشتد بهم الأمر صاروا يهتفون بأسماء الأولياء والصالحين ويستغيثون بهم من دون الله عز وجل، لأن دعاة الباطل والضلال يقولون لهم: نحن ننقذكم من البحار، فإذا أصابكم شيء اهتفوا بأسمائنا ونحن ننقذكم. كما يُروى هذا عن مشايخ الطرق الصوفية، واقرءوا –وإن شئتم- "طبقات الشعراني" ففيها ما تقشعرّ منه الجلود مما يسميه كرامات الأولياء، وأنهم =