والآية تدل على هذا من جهتين:
الأولى قوله: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ} فلم يستثن الله إلا المكره، ومعلوم أن الإنسان لا يكره إلا على العمل أو الكلام، وأما عقيدة القلب فلا يكره أحد عليها.
والثانية قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ} فصرَّح أن هذا الكفر والعذاب لم يكن بسبب الاعتقاد أو الجهل أو البغض للدين أو محبة الكفر، وإنما سببه أن له في ذلك حظاً من حظوظ الدنيا فآثره على الدين.
والله سبحانه وتعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين، وصلي الله على محمد وآله وصحبه أجمعين. آمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مطمئناً ساكناً بالإيمان (فلم يعذر الله) لم يستثنِ (من هؤلاء إلا من أُكره مع كون قلبه مطمئناً بالإيمان) .
والإكراه كونه وصل إلى حدِّ يخشى على نفسه القتل أو ولده؛ فهذا يجوز أن ينطق بكلمة الكفر التي أكره عليها بشرط كون قلبه مطمئناً بالإيمان؛ أي معتقد الحق بجنانه، لكن إن كان لما أكره طاع بقلبه ولم يكن مطمئناً فهو من أهل الكفران.
(وأما غير هذا فقد كفر بعد إيمانه سواء فعله خوفا أو مداراة أو مشحة بوطنه أو أهله أو عشيرته أو ماله، أو فعله على وجه المزح، أو لغير ذلك من الأغراض إلا المكره) .
(والآية تدل على هذا) أن التوحيد لا بد أن يكون بالقلب واللسان