responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح منظومة الإيمان نویسنده : المراكشي، عصام البشير    جلد : 1  صفحه : 59
وعلى هذا المعنى الأول ينبغي أن يفهم ما ينقله أهل المقالات من أن أوَّلَ مَن تكلم في الإرجاء هو الحسن ابن محمد بن علي بن أبي طالب. فقد قال عطاء بن السائب عن زاذان وميسرة إنهما دخلا على الحسن بن محمد، فلاماه على الكتاب الذي وضع في الإرجاء، فقال لزاذان: يا أبا عَمرو، لَوَدِدتُ أني كنت مت ولم أكتبه" [1] . يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: " … قلت المراد بالإرجاء الذي تكلم الحسن بن محمد فيه، غير الإرجاء الذي يعيبه أهل السنة المتعلق بالإيمان". ثم نقل شيئا من كلام محمد بن الحسن في كتابه المذكور آنفا، ثم قال: " فمعنى الذي تكلم فيه الحسن، أنه كان يرى عدم القطع على إحدى الطائفتين المقتتلتين في الفتنة بكونه مخطئا أو مصيبا، وكان يُرجئ الأمر فيهما. وأما الإرجاء الذي يتعلق بالإيمان فلم يعرج عليه، فلا يلحقه بذلك عابٌ، والله أعلم" [2] .
أما الإرجاء الثاني فهو إرجاءٌ عَقَدي يرتكز على كون الإيمان هو الإقرار والتصديق، ولا يضر معهما شيء من المعاصي العملية. فحقيقة الإيمان عند أهل الإرجاء منفصلةٌ عن العمل الظاهر. بل وُجد منهم من غلا وأفرط وتجاوز الحد في الاستهانة بالعمل، حتى زعم أن من عرف الله بقلبه أنه لا شيء كمثله، فهو مؤمن وإن صلى نحو المشرق أو المغرب وربط في وسطه زنارا [3] !! ولا يخفى على المتأمل أن هذا الغلو في الإرجاء لا يعدو أن يكون نتيجة حتمية لفكرة إخراج العمل من مسمى الإيمان، وهي الفكرةُ التي تتساوى فيها جميع طوائف المرجئة. لذلك كان إنكارُ السلف على أهل الإرجاء – بجميع صوره وأشكاله – شديدا، سدًّا للذريعة وحَسْمًا لهذه المادة. وكمْ من الأمور لا تظهر شناعتها وخطورتها إلا عند التأمل في لوازمها ومقتضياتها.

[1] - نقله الحافظ في ترجمة الحسن بن محمد من تهذيب التهذيب: 2/290.
[2] - تهذيب التهذيب: 2/291.
[3] - التنبيه والرد للملطي: 149، وانظر كلاما آخر لهم في الصفحات التالية.
نام کتاب : شرح منظومة الإيمان نویسنده : المراكشي، عصام البشير    جلد : 1  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست