نام کتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان نویسنده : السَهْسَوَاني، محمد بشير جلد : 1 صفحه : 223
أقول: هذا ليس مما نحن فيه، فإن الاستغاثة بالمخلوق على نوعين:
(أحدهما) أن يستغاث بالمخلوق الحي فيما يقدر على الغوث فيه، مثل أن يستغيث المخلوق بالمخلوق ليعينه على حمل حجر أو يحول بينه وبين عدوه الكافر، أو يدفع عنه سبعاً صائلاً أو لصاً أو نحو ذلك، ومن ذلك طلب الدعاء لله تعالى من بعض عباده لبعض، وهذا لا خلاف في جوازه، والاستغاثة الواردة في حديث المحشر من هذا القبيل، فإن الأنبياء الذين يستغيث العباد بهم يوم القيامة يكونون أحياء، وهذه الاستغاثة إنما تكون بأن يأتي أهل المحشر هؤلاء الأنبياء يطلبون منهم أن يشفعوا لهم إلى الله سبحانه، ويدعوا لهم بفصل الحساب والإراحة من ذلك الموقف، ولا ريب أن الأنبياء قادرون على الدعاء، فهذه الاستغاثة تكون بالمخلوق الحي فيما يقدر على الغوث فيه.
و (الثاني) أن يستغاث بمخلوق ميت أو حي فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، وهذا هو الذي يقول فيه أهل التحقيق إنه غير جائز، فإن قلت: هؤلاء المستغيثون بالأموات أو الغائبين أيضاً يطلبون منهم أن يشفعوا لهم إلى الله تعالى ويدعوا لهم بقضاء حاجاتهم وهم قادرون على ذلك فتكون استغاثتهم هذه من قبيل النوع الأول، قلت في هذا التقرير خلل من وجوه:
(الأول) أن فيه ذهولاً عن قيد الحي، والمراد بالحياة الدنيوية لا البرزخية.
و (الثاني) أن ظاهر ألفاظهم مثل: يا رسول الله اشف مريضي واكشف عني وهب لي ولداً ورزقاً واسعاً ونحو ذلك، دال على أنهم لا يطلبون منهم الشفاعة بل يطلبون شفاء شفاء المريض وكشف الكربة وإعطاء الولد والرزق، وظاهر أنهم غير قادرين على تلك الأمور.
و (الثالث) أن هؤلاء المستغيثين بالأموات والغائبين يدعونهم ويستغيثون من أماكن مختلفة ومواضع بعيدة معتقدين أن الأموات والغائبين يعلمون استغاثتهم ويسمعون دعاءهم من كل مكان وفي كل زمان، ولا ريب أن هذا إثبات لعلم الغيب لهم الذي هو من الصفات المختصة بالله تعالى فيكون شركاً.
نام کتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان نویسنده : السَهْسَوَاني، محمد بشير جلد : 1 صفحه : 223