7 - ويذكر الإمام الحافظ ابن كثير: إن الإيمان "إذا استعمل مطلقا فالإيمان الشرعي المطلوب لا يكون إلا اعتقادا وقولا وعملا، وهكذا ذهب أكثر الأئمة بل قد حكاه الشافعي وأحمد بن حنبل وأبو عبيد وغير واحد إجماعا أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص" [1] .
8 - ويقول الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي: "والمشهور عن السلف وأهل الحديث أن الإيمان قول وعمل ونية، وأن الأعمال كلها داخلة في مسمى الإيمان، وحكى الشافعي على ذلك إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن أدركهم، وأنكر السلف على من أخرج الأعمال عن الإيمان إنكارا شديدا.
وممن أنكر ذلك على قائله وجعله قولا محدثا: سعيد بن جبير، وميمون بن مهران، وقتادة، وأيوب السختياني، والنخعي، والزهري، وإبراهيم، ويحيى بن أبي كثير، وغيرهم.
وقال الثوري: هو رأي محدث أدركنا الناس على غيره.
وقال الأوزاعي: وكان من مضى من السلف لا يفرقون بين العمل والإيمان ... " [2] .
9 - وما ذكره الحافظان ابن كثير وابن رجب عن الشافعي رحمه الله أن الإجماع على ذلك نقله شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال: (وقد ذكرنا عن الشافعي رضي الله عنه ما ذكره من الإجماع على ذلك قوله في "الأم":
"وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ومن أدركناهم يقولون: إن الإيمان قول وعمل ونية، ولا يجزيء واحد من الثلاثة إلا بالآخر") [3] . [1] التفسير (1/62- 63) ، وقد علق المحققون على قوله: "إجماعا" بقولهم: "لعله إجماع الفقهاء والمحدثين، وإلا فإن جمهور علماء الكلام يرون أنه الاعتقاد فقط" وهذا التعليق لا وجه له، لأن علماء السنة ومنهم الأئمة الأربعة مجمعون على ذم الكلام وأهله وتعزير أصحابه، فلا يعتد بخلافهم فيما لم يجمع عليه فضلا عما هو أعظم منه، وإنما تذكر أقوالهم على سبيل الذم والإنكار، وكل الكتب التي كتبت في عقيدة أهل السنة مثل كتاب اللالكائي والآجري وعبد الله بن أحمد وابن بطة ... إلخ، وكذا كتب تراجم الأئمة ومناقبهم تذكر هذا وتنقله عن أئمة الإسلام المجمع على فضلهم وإمامتهم. [2] جامع العلوم والحكم، تحقيق: محمد أبو النور (1/57) . [3] الإيمان، ص 292، ولم أستطع العثور عليه في الأم المطبوع، لكن قرأت لابن القيم أنه في "المبسوط". زاد المعاد (3/607) .