ومنه قوله تعالى: «إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ» [الذاريات: 5] أي متحقق لا محالة.
ومنه قوله تعالى: «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ» [الأحزاب: 23] أي وفوا به وحققوه عملاً.
ومن ذلك آية «لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» التي ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم فسّر الإيمان بها كما سبق، حيث قال تعالى في آخرها: «أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا» قال ابن جرير في تفسيرها: يعني تعالى ذكره بقوله «أولئك الذين صدقوا» من آمن بالله واليوم الآخر، ونعتهم النعت الذي نعتهم به في هذه الآية، يقول: فمن فعل هذه الأشياء، فهم الذين صدقوا الله في إيمانهم وحققوا قولهم بأفعالهم. ثم روى عن الربيع بن أنس أنه قال: "أولئك الذين صدقوا فتكلموا بكلام الإيمان، فكانت حقيقته: العمل، صدقوا الله".
قال: وكان الحسن يقول: "هذا كلام الإيمان، وحقيقته: العمل، فإن لم يكن مع القول عمل فلا شيء". (1)
وقال ابن كثير: "أي هؤلاء الذين اتصفوا بهذه الصفات هم الذين صدقوا في إيمانهم، لأنهم حققوا الإيمان القلبي بالأقوال والأفعال فهؤلاء هم الذين صدقوا" [2] .
وأما السنة: فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والفرج يصدق ذلك أو يكذبه" [3] ودلالته على المراد ظاهرة.
وأما كلام العرب فكثير، ومنه قول كثير عزة - وهو ممن يحتج بكلامه - يمدح أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز:
وقلت فصدقت الذي قلت بالذي ... عملت فأضحى راضياً كل مسلم
(1) تفسير الطبري (2/101- 102) [2] التفسير (1/299) [3] البخاري (11/503،26)