أحدهما: الإخبار: وهو من هذا الوجه كلفظ التصديق والشهادة ونحوها، وهذا معنى الإقرار الذي يذكره الفقهاء في كتاب الإقرار.
والثاني: إنشاء الالتزام: كما في قوله تعالى: «ءأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين» ، وليس هو هنا بمعنى الخبر المجرد فإنه سبحانه قال: «وإذ أخذ الله مثياق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ءأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري» فهذا الالتزام للإيمان والنصر للرسول صلى الله عليه وسلم.." [1] .
فالإقرار بالمعنى الأول يقابل الإنكار والجحود، وكفر إباء وامتناع ككفر إبليس.
وبهذا يظهر ضلال المرجئة في فهم ألفاظ النصوص ومصطلحات السلف، وإلا فلو رجعوا للكتاب والسنة وعرفوا معنى الإقرار والتصديق فيهما ثم فسروا الإيمان بهما على الوجه الصحيح لما كان الخلاف بينهم وبين أهل السنة إلا لفظيا واختلاف الألفاظ وقع بين السلف كما سبق، ولكن ألفاظ المرجئة في الحقيقة إنما هي نتيجة لمنهجهم البدعي في التفكير والاستنباط والاستدلال. [1] الفتاوى (7/530- 531) . ومثله بتوسع: الإيمان (379- 380) . وقد بين في الصارم المسلول حقيقة الإقرار واستلزامه للانقياد، ولعلنا نذكره في مبحث التولي عن الطاعة في الباب الخامس، وليراجع هنا لأهميته من ص518- 522 تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، ط بيروت.