قال عمار: يا أبا مسعود ما رأيت منك ولا من صاحبك هذا شيئاً منذ صحبتما النبي صلى الله عليه وسلم أعيب عندي من إبطائكما في هذا الأمر" [1] .
قال الحافظ: " كان أبو مسعود على رأي موسى في الكف عن القتال؛ تمسكاً بالأحاديث الواردة في هذا الأمر" [2] ، فليس هناك اشتباه، بل القضية من الوضوح بحيث يعيبان عماراً!!
3 - وأما عبد الله بن عمر، فيتخذ هذا موقفاً مطرداً، فهو لم يشترك في أي قتال بين المسلمين قط، لا زمن علي ولا فيما بعد، لأنه يراه كله قتال فتنة.
روى البخاري: "أن رجلاً جاءه، فقال: يا أبا عبد الرحمن، ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه: «وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا» إلى آخر الآية، فما يمنعك ألا تقاتل كما ذكر الله في كتابه؟
فقال: يا ابن أخي، أعير بهذه الآية ولا أقاتل، أحب إليّ من أن أعيّر بهذه الآية التي يقول الله تعالى: «ومن يقتل مؤمناً متعمداً» إلى آخرها.
قال: فإن الله يقول: «وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة» .
قال ان عمر: قد فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ كان الإسلام قليلا، فكان الرجل يفتن في دينه، إما يقتلوه وإما يوثقوه حتى كثر الإسلام، فلم تكن فتنة" [3] .
4 - وأما أبو بكرة رضي الله عنه، فإنه لم يقتصر على كف اليد، بل نهى غيره وأنكر عليه المشاركة في القتال، فقد روى الشيخان عن الحسن البصري أن الأحنف ابن قيس أخبره أنه خرج بسلاحه يريد القتال في الفتنة - وكان ذلك يوم الجمل، وقصده القتال مع علي رضي الله عنه - فلقيه أبو بكرة رضي الله عنه فصده عن ذلك، وقال: يا أحنف ارجع، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" [4] . [1] الفتح (13/54) [2] المصدر السابق (3/59) [3] البخاري (8/309) . [4] وهذا اللفظ لمسلم (13/31) .