[3] - وقيل: إن أول من أحدثه حماد ابن أبي سليمان: المتوفى سنة 120 هجري، شيخ أبي حنيفة، وتلميذ إبراهيم النخعى، ثم تبعه أهل الكوفة وغيرهم. وذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية [1] .
ولا شك أن حمادا كان مرجئا وأنه كان معاصرا لذر، فقد روى عبد الله بن أحمد أن إبراهيم النخعى - شيخ حماد - قال: لا تدعوا هذا الملعون يدخل علي، بعد ما تكلم في الإرجاء - يعنى حمادا [2] -.
ومع ذلك فقد ادعى حماد غير هذا، إلا أن يقال أنه كان مستترا خائفا، ثم أظهر وأعلن.
قال أبو هاشم: " أتيت حماد بن أبى سليمان، فقلت: ما هذا الرأي الذى أحدثت لم يكن على عهد إبراهيم النخعي؟ فقال: لو كان حيا لتابعني عليه - يعنى الإرجاء - " [3] .
وفي هذا ما يدل على أولية حماد، لكن النص الأتى يدل على أنه اتبع غيره، إلا أن يقال أنه دليل فقط لما قررناه من أن الجذور متقدمة، وهو ما ذكره الذهبي عن معمر، قال: " كنا نأتى أبا إسحاق - يعني السبيعى - فيقول: ما قال لكم أخو المرجئة؟
قال معمر: قلت لحماد: كنت رأسا وكنت إماما في أصحابك، فخالفتهم فصرت تابعا؟
قال: إني أن أكون تابعا في الحق خير من أن أكون رأسا في الباطل.
قال الذهبي: قلتُ: يشير معمر إلى أنه تحول مرجئا إرجاء الفقهاء؛ وهو أنهم لا يعدون الصلاة والزكاة من الإيمان، ويقولون: الإيمان: إقرار باللسان ويقين في القلب.
والنزاع على هذا لفظي إن شاء الله، وإنما غلو الإرجاء؛ من قال: لا يضر مع التوحيد ترك الفرائض، نسأل الله العافية " [4] . [1] الإيمان، ص281. [2] السنة، ص96. [3] سير أعلام النبلاء (5/235) . [4] المصدر السابق (5/233) ، وقوله: النزاع لفظى، صحيح فى حق من يقول: الإيمان يشمل عمل القلب كله، أما من خصصه بالتصديق - وهو المشهور عنه - وأخرج سائر الأعمال، فلا، وسيأتى تفصيل ذلك، وانظر ص415 وما بعدها.