المراتب الكاملة بعد نزول الأحكام واكتمال الدين، ومن ثم بنى السلف على ذلك نفى الإسلام والإيمان عمن لم يأت بهذه الأركان أو بعضها.
وهذا ما فصله رحمه الله قائلا (وإنما سأل جبريل صلى الله عليه وسلم عن ذلك وهم يسمعون وقال: "هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم" ليبين لهم كمال هذه الأسماء وحقائقها التي ينبغي أن تقصد لئلا يقتصروا على أدنى مسمياتها.
وهذا كما في الحديث الصحيح أنه قال: "ليس المسكين هذا الطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يسأل الناس إلحافا" فهم كانوا يعرفون المسكين وأنه المحتاج وكان ذلك مشهورا عندهم فيمن يظهر حاجته بالسؤال، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي يظهر حاجته بالسؤال والناس يعطونه تزول مسكنته بعطاء الناس له والسؤال له بمنزلة كفايته - لم يبق مسكينا، وإنما المسكين المحتاج الذي لا يسأل ولا يعرف فيعطى، فهذا هو الذي يجب أن يقدم في العطاء فإنه مسكين قطعا، وذاك مسكنته تندفع بعطاء من يسأله.
وكذلك قوله الإسلام هو الخمس يريد أن هذه كلها واجب داخل في الإسلام، فليس للإنسان أن يكتفي بالإقرار بالشهادتين، وكذلك الإيمان يجب أن يكون على هذا الوجه المفصل لا يكتفي فيه بالإيمان المجمل [1] ، ولهذا وصف الإسلام بهذا.
وقد اتفق المسلمون على أنه من لم يأت بالشهادتين فهو كافر وأما الأعمال الأربعة فاختلفوا في تكفير تاركها، ونحن إذا قلنا: أهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب - فإنما نريد به المعاصي كالزنا والشرب، وأما هذه المباني ففي تكفير تاركها نزاع مشهور.
ثم ذكر الروايات عن أحمد في ذلك وقال (قال الحكم بن عتيبة: من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر، ومن ترك الزكاة متعمدا فقد كفر، ومن ترك الحج متعمدا فقد كفر، ومن ترك صوم رمضان متعمدا فقد كفر. [1] هو مفصل نسبيا وإلا فحديث جبريل هو في حقيقته مجمل، والمفصل: الإيمان بتفصيل صفات الله تعالى، ومعرفة الأنبياء والإيمان بهم تفصيلا، وكذلك الكتب والرسل، واليوم الآخر، والقدر، ولكن الشيخ يقصد بالمجمل مجرد الإيمان بالله أو بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم فى رسالته واتباعه جملة.