جوز أن يكون من تكلم بالتكذيب والجحد وسائر أنواع الكفر من غير إكراه - مؤمنا في الباطن "فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه" [1] .
ثانيا: أن الاستحلال كفر برأسه: سواء فعل صاحبه ما أحل من المحرمات أو لم يفعل، ولهذا قال شيخ الإسلام في من سب الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن اعتقاد حل السب كفر سواء اقترن به السب أو لم يقترن" [2] .
ولذلك فمن شرع الزنا أو الربا أو شرب الخمر وأصدر لها المراسيم والقوانين التي ترخص بها وتحدد لها الأنظمة في عملها وتعيين المحاكم التي تختص بفض النزاع فيها ورتب حراستها وألزم بمقتضى ذلك فقد كفر، وإن لم يزن مرة واحدة أو يشرب من الخمر قطرة أو يأكل من الربا درهما".
ثالثا:أن الكفر أعظم المعاصي بإطلاق: والاستحلال ينقل المعصية التي دون الكفر إلى مرتبة الكفر بإجماع أهل السنة والمرجئة سواء، فإذا ثبت فإلى أي مرتبة ينقل الاستحلال الكفر وليس وراءه مرتبة أخرى بل هو بذاته كفر فدل ذلك على أن موضوعه المعاصي التي هي دون الكفر لا الكفر.
فإن اقترن بالكفر كان زيادة فيه كمن يكفر بالعبث ثم يكفر بالله.
رابعا: أنه لا يجوز أن يقال: لابد أن يكون المستحيل مكذبا" بالدين حتى يكفر كما لا يجوز أن يقال في المكذب بالدين: أن يكون مستحلا للتكذيب فكذلك المعاند المستكبر والشاك وغيره فتبين أنه لا يصح جعل أحد أنواع الكفر شرطا" في الأنواع الأخرى أو قيدا" فيها [3] .
خامسا: أن الاستحلال نفسه يكون بالاعتقاد والقول والعمل:
فالاعتقاد واضح، والقول كمن يقول إن الزنا أو الربا أو شرب الخمر حلال، ومن ذلك قصة قدامة بن مظعون ومن معه [1] الصارم المسلول: ص525، وكذلك من جوز أن يكون من عمل الكفر الصريح - كما فى الأمثلة السابقة - مؤمنا فى الباطن.
فانظر أى خطر يحيق بمن يقولون: نسألهم قبل أن نكفرهم: أهم مقرون أم جاحدون مستحلون؟! [2] الصارم المسلول: ص526، ضمن كلام نفيس أوصى بقراءته كله. [3] فمن جعل نوعا" من أنواع الكفر شرطا" فى النوع الآخر عامدا" فهو كمن جعل ناقضا" من نواقض الصلاة أو الوضوء لا يبلطهما إلا بشرط وقوع ناقض آخر كمن يشترط لبطلان صلاة من صلى إلى غير القبلة أن يكون تاركا" للنية وإلا فصلاته صحيحة أو من نام حتى أصبح فوضوئه صحيح إلا إذا حدث.