نام کتاب : عقيدة التوحيد في القرآن الكريم نویسنده : ملكاوي، محمد خليل جلد : 1 صفحه : 264
ولذلك كان في آيتي سورة الفرقان تقريع شديد لمشركي العرب بعبادتهم الأصنام وتنبيه لهم على ضلالهم لاتخاذهم آلهة لا تخلق شيئًا وهي مخلوقة، ولا تملك نفعًا ولا ضرًّا لأحد، كما أنها لا تملك إماتة أحد وإحيائه وبعثه، وتركوا عبادة مالِكِ ذلك كله وخالق الخلق أجمعين والسماوات والأرض وما فيهن، فأي شيء خلقت الأصنام حتى عبدوها من دون الله؟ إن المستحق للعبادة يكون مالكًا للسماوات والأرض أو شريكًا لمالكهما أو معينًا له، وقد نفت آيتا سورة سبأ هذه المراتب عن آلهتهم؛ لأنها لا تملك ذرة في السموات والأرض وليست شريكة لله في ملكه ولا هي معينة للمالك, فلماذا يعبدونها إذن وهذه الصفات منتفية عنها؟ أم أنهم يعبدونها لزعمهم أنها شفعاء عند الله؟ فليعلموا أن الله لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، والله لن يأذن لأحد مهما كان مقربًا أن يشفع للمشرك الكافر فضلًا عن أن تشفع عنده هذه الأصنام, فأي حجة لكم إذن في عبادتهم؟ أم عندكم كتاب من قبل هذا القرآن أو بقية من علم صحيح يبين أن آلهتكم خالقة أو شريكة للخالق في الخلق والملك حتى عبدتموها؟ إن الهتكم أيها المشركون لم تخلق شيئًا ولا تملك ذرة في السموات والأرض ولا قشرة نواة، وليس لكم حجة على عبادتها فاعبدوا الخالق المالك لا المخلوق المملوك إن كانت لكم عقول تعقلون بها[1].
وهذا الخلق كله حجة عليكم وشاهد بوحدانية الله الذي لم يخلقه عبثًا ولعبًا {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ} [2]، يقول الطبري في تفسيره لهذه الآية: {وَمَا خَلَقْنَا} ..... الآية: "إلا حجة عليكم أيها الناس ولتعتبروا بذلك كله فتعلموا أن الذي دبره وخلقه لا يشبهه شيء وأنه لا تكون الألوهة إلا له ولا تصلح العبادة لشيء غيره ولم يخلق ذلك عبثًا"[3]. [1] انظر تفسير الطبري 11/115 و14/92 و18/181 و21/66 و22/89 وص 124 و26/2 وتفسير الكشاف 3/287 وص 311 والرد على المنطقيين ص529. [2] سورة الأنبياء آية 16. [3] تفسير الطبري 17/9.
نام کتاب : عقيدة التوحيد في القرآن الكريم نویسنده : ملكاوي، محمد خليل جلد : 1 صفحه : 264