فضلاء الصحابة ممن فاته الخروج يوم بدر، وأشاروا عليه بالخروج، وألحوا عليه في ذلك، وأشار عبد الله بن أبي بالمقام في المدينة، وتابعه على ذلك بعض الصحابة فألح أولئك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهض ودخل بيته ولبس لأمته وخرج عليهم وقد انثنى عزم أولئك وقالوا أكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخروج فقالوا: يا رسول الله إن أحببت أن تمكث في المدينة فافعل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه" 1 فخرج عليه الصلاة والسلام في ألف من الصحابة بيوم الجمعة فلما صار بالشوط بين المدينة وأحد رجع عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس2 وقال: أطاعهم وعصانا، ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس؟ فرجع بمن اتعبه من قومه من أهل النفاق والريب، واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام أخو بني سلمة يقول: يا قوم أذكركم الله ألا تخذلوا قومكم ونبيكم عندما حضر من عدوهم فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لما أسلمناكم ولكننا لا نرى أنه يكون قتال قال: فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم قال: أبعدكم الله أعداء الله فسيغني الله عنكم نبيه3 وهكذا أخرج الله المنافقين مع رئيسهم من بين المؤمنين حقاً الذين هم أهل لتخليد ذكراهم بالثناء الجميل في الكتاب العزيز والسنة النبوية المطهرة ويذكرون بهذا الثناء الطيب على مر الأيام والليالي إلى يوم القيامة وكان عددهم رضي الله عنهم سبعمائة فيهم خمسون فارساً4 ولقد جاء الثناء عليهم في القرآن في غير ما آية:
1- قال تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ
1ـ انظر: مسند الإمام أحمد 13/351، والحاكم 2/128-129 ووافقه الذهبي على تصحيحه، سنن الدارمي 2/129.
2ـ زاد المعاد لابن القيم 3/192-194، وانظر السيرة النبوية لابن هشام 2/63-64.
3ـ السيرة النبوية لابن هشام 2/64.
4ـ زاد المعاد 3/194، وانظر السيرة النبوية لابن هشام 2/65، البداية والنهاية 4/15.