5- أخبر تعالى عن أهل بيعة الرضوان أنه ألزمهم كلمة التقوى التي هي كلمة التوحيد وأنهم كانوا أحق بها وأهلها، قال تعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} 1.
فلقد بين تعالى في هذه الآية أنه ألزم الصحابة رضي الله عنهم كلمة التقوى وأكثر المفسرين على أن المراد بكلمة التقوى هي "لا إله إلا الله" وبين أنهم أحق بها من كفار قريش وأنهم كانوا أهلها في علم الله لأن الله تعالى اختار لدينه وصحبة نبيه أهل الخير2 ذلك هو الثناء في القرآن على الصحابة الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان الحديبية وقد ورد الثناء عليهم في السنة المطهرة في أحاديث كثيرة ومن ذلك ما يلي:
1- روى الشيخان من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية: "أنتم خير أهل الأرض" وكنا ألفاً وأربعمائة ولو كنت أبصر لأريتكم موضع الشجرة3.
هذا الحديث صريح في فضل أصحاب الشجرة فقد كان من المسلمين إذ ذاك جماعة بمكة وبالمدينة وبغيرهما ... وتمسك به بعض الشيعة في تفضيل عليّ على عثمان لأن علياً كان من جملة من خوطب بذلك وممن بايع تحت الشجرة وكان عثمان حينئذ غائباً ـ وهذا التمسك باطل ـ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بايع عنه4 فاستوى معهم عثمان في الخيرية المذكورة، ولم يقصد في الحديث إلى تفضيل
1ـ سورة الفتح آية/26.
2ـ انظر: جامع البيان 26/103-106، تفسير البغوي على الخازن 6/177، تفسير ابن كثير 6/347.
3ـ صحيح البخاري 3/42، صحيح مسلم 3/1485.
4ـ انظر: صحيح البخاري 2/297.