الحديث فيه بيان فضل أبي بكر، فقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم على الفاروق رضي الله عنه حين حصل بينه وبين الصديق شيء فشعر الصديق أنه المخطئ على عمر فطلب من الصديق أن يعفو عنه ويغفر له فأبى عليه فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر له ما حصل فاستغفر له النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن الفاروق ندم على عدم مغفرته للصديق فأخذ في البحث عنه فلم يجده في منزله فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجده عنده فما أن وصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقد رأى تغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم غضباً حتى أشفق الصديق من ذلك لئلا يصيب الفاروق من ذلك شيء وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه هو الذي بدأ فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم في بيان فضله ومناقبه ومنزلته عنده فقال لهم: "إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت وقال أبو بكر: صدق وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركو لي صاحبي" مرتين فما أوذي بعدها لما أظهره النبي صلى الله عليه وسلم لهم من تعظيمه لأبي بكر رضي الله عنه.
قال الحافظ: "وفي الحديث من الفوائد فضل أبي بكر على جميع الصحابة وأن الفاضل لا ينبغي له أن يغاضب من هو أفضل منه وفيه جواز مدح المرء في وجهه ومحله إذا أمن عليه الافتتان والاغترار"أ. هـ1.
13- وروى الإمام مسلم بإسناده إلى أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أصبح منكم اليوم صائماً؟ " قال أبو بكر: أنا، قال: "فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ " قال أبو بكر: أنا، قال: "فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟ " قال أبو بكر: أنا، قال:" فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟ " قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما اجتمعن في امرء إلا دخل الجنة" 2.
هذا الحديث اشتمل على فضائل ظاهرة للصديق رضي الله عنه، فإنه كان سباقاً إلى فعل الخيرات التي تقرب العبد من الجنة وتزحزحه من النار. قال النووي: قوله صلى الله عليه وسلم: "من أصبح منكم اليوم صائماً" قال أبو بكر أنا إلى قوله صلى الله عليه وسلم
1ـ فتح الباري 7/26.
2ـ صحيح مسلم 4/1857.