ثم شرع بعد ذلك في نشر الإسلام في البلدان التي لم يصلها نور الإسلام وسعادته حتى لقي ربه تبارك وتعالى.
20- ومما تميز به عن غيره من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المصطفى عليه الصلاة والسلام انتقل إلى الرفيق الأعلى وهو بالسنح1 فأصاب الناس الذهول والحيرة والاضطراب أما الصديق فقد رزقه الله قوة النفس والثبات فكان أصبر الصحابة وأثبتهم عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حيث جاء: "فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله فقال: بأبي أنت وأمي طبت حياً وميتاً، والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبداً، ثم خرج إلى الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال: ألا من كان يعبد محمداً صلى الله عليه وسلم فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} 2 وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} 3 قال فنشج الناس يبكون ... " الحديث4.
وما إن سمع الصحابة رضي الله عنهم هذه الخطبة من صديق هذه الأمة إلا ورجعوا إلى الرشد والصواب وانكشف ما بهم من الحيرة والذهول ولذلك كان أفضلهم على الإطلاق.
تلك هي طائفة من الأحاديث التي اشتملت على المناقب التي دلت على أن الصديق حاز الأفضلية على سائر الناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وأما دلالة الإجماع على أفضلية الصديق رضي الله عنه:
1ـ السنح: إحدى محال المدينة كان بها منزل أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكان بين السنح ومنزل النبي صلى الله عليه وسلم قدر ميل "انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي" 3/265.
2ـ سورة الزمر آية/30.
3ـ سورة آل عمران آية/144.
4ـ صحيح البخاري 2/291.