أمامه فارس إلا كان كأمس الذاهب ولما استشهد في أحد على يد وحشي لم يكن عن مواجهة وإنما كمن له تحت الصخرة فرماه بحربته1 ولما سقط على الأرض شهيداً فعل به المشركون ما فعلوا من التجديع والتمثيل، فقد روى الحاكم بإسناده إلى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بحمزة يوم أحد وقد جدع ومثل به وقال: "لولا أن صفية تجد لتركته حتى يحشره الله من بطون الطير والسباع" فكفنه في نمرة2.
فهذا التجديع والمثلة التي حصلت لحمزة رضي الله عنه كانت في ذات الله ـ عز وجل ـ ولذلك أكرمه الله بأن كان سيد الشهداء.
8- وروى الحاكم بإسناده أيضاً: إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت هذه الآية في حمزة وأصحابه {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} 3 وهذا الحديث فيه بيان ما أكرم الله به حمزة وإخوانه الذين استشهدوا معه في موقعة أحد حيث جعلهم الله أحياء يرزقون عنده في الجنة ففي هذا منقبة عظيمة لشهداء أحد الذين في مقدمتهم سيد الشهداء حمزة رضي الله عن الجميع وأرضاهم وجعل الجنة مثواهم.
تلك طائفة من الأحاديث التي جاء التنويه فيها بفضل حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم، فلقد دلت على أنه عظيم القدر عالي المكانة في الدنيا والآخرة رضي الله عنه وأرضاه
1ـ انظر صحيح البخاري مع شرح فتح الباري 7/367.
2ـ المستدرك 3/196 ثم قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأقره الذهبي.
3ـ المصدر السابق 2/387 ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبي، وانظر المصنف لابن أبي شيبة 12/107، فضائل الصحابة للنسائي ص/92، الدر المنثور للسيوطي 2/371.