وهذا الحديث فيه بيان فضيلة ظاهرة للعباس رضي الله عنه بإكرام النبي صلى الله عليه وسلم له حيث أعطى ثوبه عليه الصلاة والسلام كفناً لعبد الله بن أبي مكافأة له على إعطائه قميصاً للعباس حين كان أسير رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر.
8- وروى أيضاً: بإسناده إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن العلاء بن الحضرمي بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من البحرين بثمانين ألفاً فما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مال أكثر منه لا قبلها ولا بعدها فأمر بها ونثرت على حصير ونودي بالصلاة فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يميل على المال قائماً فجاء الناس وجعل يعطيهم وما كان يومئذ عدد ولا وزن وما كان إلا قبضاً فجاء العباس فقال: يا رسول الله إني أعطيت فدائي وفداء عقيل يوم بدر ولم يكن لعقيل مال أعطني من هذا المال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذ" فحثى في خميصة كانت عليه ثم يذهب ينصرف فلم يستطع رفع رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ارفع علي فابتسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: أما أحد ما وعد الله فقد أنجز لي ولا أدري الأخرى" {قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} هذا خير مما أخذ مني ولا أدري ما يصنع بالمغفرة 1.
في هذا الحديث فضيلة ظاهرة للعباس رضي الله عنه وهي أنه عليه الصلاة والسلام كان يحبه حباً شديداً فقد أعطى المصطفى عليه الصلاة والسلام الصحابة من مال البحرين بيده ولما جاء العباس أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ لنفسه بيده.
9- ومن مناقبه العظيمة التي رفعت من شأنه وعلت من مكانته ثبوته الصادق حين حمى الوطيس وفر الناس يوم حنين. فقد روى مسلم في صحيحه بإسناده إلى العباس رضي الله عنه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمت أنا وأبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه
1ـ المستدرك 3/329-330 ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأقره الذهبي.