هذه الدعوة النبوية فيها منقبة ظاهرة لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما وهي دعاؤه عليه الصلاة والسلام له بالفقه في الدين. قال ابن المنير: "مناسبة الدعاء لابن عباس للتفقه على وضعه الماء من جهة أنه تردد بين ثلاث أمور:
إما أن يدخل إليه بالماء إلى الخلاء، أو يضعه على الباب ليتناوله من قرب، أو لا يفعل شيئاً. فرأى الثاني أوفق لأن في الأول تعرضاً للاطلاع والثالث يستدعي مشقة في طلب الماء والثاني أسهلها ففعله يدل على ذكائه فناسب أن يدعي له بالتفقه في الدين ليحصل به النفع وكذا كان1.
2- وروى أيضاً بإسناده إلى ابن عباس قال: ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "اللهم علمه الكتاب" 2.
وفي هذا الحديث فضيلة ظاهرة لابن عباس رضي الله عنه وهي ضم النبي صلى الله عليه وسلم إياه ودعوته له أن يعلمه الله الكتاب. "والمراد بالكتاب القرآن لأن العرف الشرعي عليه والمراد بالتعليم ما هو أعم من حفظه والتفهم فيه"3.
3- وروى مسلم بإسناده إلى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى الخلاء فوضعت له وضوء فلما خرج قال: من وضع هذا" في رواية زهير: قالوا وفي رواية أبي بكر قلت: ابن عباس قال: "اللهم فقه" 4.
قال النووي: "قوله صلى الله عليه وسلم "اللهم فقه" فيه فضيلة الفقه واستحباب الدعاء بظهر الغيب واستحباب الدعاء لمن عمل عملاً خيراً مع الإنسان وفيه إجابة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له فكان من الفقه بالمحل الأعلى"أ. هـ5.
1ـ فتح الباري 1/244-245.
2ـ صحيح البخاري 1/25، ورواه أحمد في المسند انظر "الفتح الرباني" 22/292.
3ـ فتح الباري 1/170.
4ـ صحيح مسلم 4/1927.
5ـ شرح النووي على صحيح مسلم 16/37.