وقال الحافظ ابن حجر: "ووقع في مغازي أبي الأسود عن عروة فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم لها فخذه لتركب فأجلت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تضع رجلها على فخذه فوضعت ركبتها على فخذه وركبت1.
3- روى محمد بن سعد بأسانيده في حديث طويل وفيه: "لم يخرج النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر حتى طهرت صفية من حيضها فحملها وراءه فلما صار إلى منزل على ستة أميال من خيبر مال يريد أن يعرس بها فأبت عليه فوجد في نفسه فلما كان بالصهباء وهي على بريد من خيبر نزل بها هناك فمشطتها أم سليم وعطرتها. قالت أم سنان الأسلمية: وكانت من أضوأ ما يكون من النساء فدخل بأهله فلما أصبح سألتها عما قال لها؟ فقالت: قال لي: "ما حملك على الامتناع من النزول أولاً" قالت: خشيت عليك من قرب اليهود فزادها ذلك عنده وذكرت أنه سر بها ولم ينم تلك الليلة لم يزل يتحدث معها"2.
فهذا الحديث اشتمل على فضيلة ظاهرة لأم المؤمنين صفية رضي الله عنها فلقد خشيت على النبي صلى الله عليه وسلم من غدر اليهود إن هو نزل منزلاً قريباً من خيبر لأنها خبيرة بكيد اليهود وشدة بغضهم وحقدهم على الإسلام والنبي عليه الصلاة والسلام، ولذلك امتنعت من النزول في المنزل الأول الذي كان يبعد عن خيبر ستة أميال ولما بلغ الصهباء نزل بها وسألها عن سبب امتناعها عن النزول أولاً أوضحت له أنها تخشى عليه من اليهود فزادها ذلك منزلة ورفعة عنده عليه الصلاة والسلام وكل هذا ناشيء عن الإيمان الصادق الذي أنساها قتل أبيها وزوجها من أجل كفرهما بالله وصدهما عن سبيل الله. ولذلك سر بها المصطفى عليه الصلاة والسلام فلم ينم تلك الليلة بل استمر في مبادلتها الحديث رضي الله عنها وأرضاها.
1ـ فتح الباري 7/480.
2ـ الطبقات 8/120-122 فقد رواه بثلاثة أسانيد لأبي هريرة وإلى أنس بن مالك وإلى أم سنان الأسلمية.