فكنا كلنا ولكن قال "كنتم" في خاصية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صنع مثل صنيعهم كانوا خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
وعنه رضي الله عنه أنه قال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قال: تكون لأولنا ولا تكون لآخرنا.
وعن قتادة قال: ذكر لنا أن عمر بن الخطاب قال في حجة حجها ورأى من الناس رعة1 سيئة فقرأ هذه {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} الآية ثم قال: يا أيها الناس من سره أن يكون من تلك الأمة فليؤد شرط الله منها.
وقال الضحاك في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قال: هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة يعني وكانوا هم الرواة الدعاة الذين أمر الله المسلمين بطاعتهم.
وقال آخرون: معنى ذلك كنتم خير أمة أخرجت للناس إذ كنتم بهذه الشروط التي وصفهم ـ جل ثناؤه ـ بها فكان تأويل ذلك عندهم كنتم خير أمة تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ... وعن قتادة قال: كان الحسن يقول: نحن آخرها وأكرمها على الله.
وبعد ذكره لأقوال المفسرين في هذه الآية قال: "وأولى الأقوال بتأويل الآية ما قال الحسن ثم ساق بإسناده إلى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا إنكم وفيتم سبعين أمة أنتم آخرها وأكرمها على الله". 2
فابن جرير رحمه الله تعالى رجح حمل الآية على عموم الأمة وأيد العموم
1ـ قال الأصمعي: الرعة الهدي وحسن الهيئة، أو سوء الهيئة يقال: قوم حسنة رعتهم أي: شأنهم وأمرهم وأدبهم وأصله من الورع وهو الكف عن القبيح. أ. هـ لسان العرب 8/388، وانظر: النهاية في غريب الحديث 5/175.
2ـ جامع البيان 4/43-45.