يحبهم ويحبونه يقول: فسوف يجيئ الله بدلاً منهم بالمؤمنين الذين لم يبدلوا ولم يغيروا ولم يرتدوا بقوم خير من الذين ارتدوا وبدلوا دينهم، يحبهم الله ويحبون الله وكان هذا الوعيد من الله لمن سبق في علمه أنه سيرتد بعد وفاة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وكذلك وعده من وعد من المؤمنين ما وعده في هذه الآية لمن سبق له في علمه أنه لا يبدل ولا يغير دينه، ولا يرتد، فلما قبض الله نبيه صلى الله عليه وسلم ارتد أقوام من أهل الوبر وبعض أهل المدر فأبدل الله المؤمنين بخير منهم كما قال تعالى ذكره، ووفى للمؤمنين بوعده وأنفذ فيمن ارتد منهم وعيده ... إلى أن قال: ثم اختلف أهل التأويل في أعيان القوم الذين أتى الله بهم المؤمنين وأبدل المؤمنين مكان من ارتد منهم. فقال بعضهم: هو أبو بكر الصديق وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة حتى أدخلوهم من الباب الذي خرجوا منه، وروى بإسناده إلى الحسن البصري في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قال: هذا والله أبو بكر وأصحابه.
وقال آخرون: يعني بذلك قوماً من أهل اليمن، وقال بعض من قال ذلك منهم: هم رهط أبي موسى الأشعري: عبد الله بن قيس ثم روى بإسناده إلى عياض بن غنم الأشعري قال: لما نزلت هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قال: أومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي موسى بشيء كان معه فقال: هم قوم هذا.
وقال آخرون: بل هم أهل اليمن جميعاً.
وذكر بإسناده إلى مجاهد في قوله تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قال: أناس من أهل اليمن وقال آخرون: هم الأنصار.
وروى بإسناده إلى السدي في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قال: إنهم الأنصار.1
وقال العلامة ابن كثير رحمه الله تعالى عند قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
1ـ جامع البيان 6/282-285، زاد المسير 2/381-382، تفسير البغوي على حاشية الخازن 2/54.