نام کتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني نویسنده : الآلوسي، محمود شكري جلد : 1 صفحه : 322
فقال حتى أشاور مالكاً، فلما استشاره أشار عليه أن لا يدخل في ذلك، وأخبره أن هذا لا يتركه ولد العباس حتى تراق فيه دماء كثيرة، وذكر له ما ذكر عمر بن عبد العزيز -لما قيل له: وهذه علوم التفسير والحديث والفتيا وغيرها من العلوم لم يعلم أن الناس أخذوا عن العمري الزاهد منها ما يذكر، فكيف يقرن هذا بمالك في العلم ورحلة الناس إليه؟
ثم هذه كتب الصحيح التي أجل ما مها كتاب البخاري؛ أول ما يستفتح الباب بحديث مالك، وإن كان في الباب شيء من حديث مالك لا يقدم على حديثه غيره، ونحن نعلم أن الناس ضربوا أكباد الإبل في طلب العلم فلم يجدوا عالماً أعلم من مالك في وقته، والناس كلهم مع مالك، وأهل المدينة إما موافق، وإما منازع. فالموافق لهم عضد ونصير، والمنازع لهم معظم لهم مبجل لهم عارف بمقدارهم، وما تجد من يستخف بأقوالهم ومذاهبهم إلا من ليس معدوداً من أئمة العلم، وذلك لعلمهم أن مالكاً هو القائم بمذهب أهل المدينة، وهو أظهر عند الخاصة والعامة من رجحان مذهب أهل المدينة على سائر الأمصار، فإن موطأه مشحون إما بحديث أهل المدينة، وإما بما اجتمع عليه أهل المدينة، إما قديماً، وإما حديثاً. وأما مسألة تنازع فيها أهل المدينة وغيرهم فيختار فيها قولاً ويقول هذا أحسن ما سمعت، فإما بآثار معروفة عند علماء المدينة ولو قدر أنه كان في الأزمان المتقدمة من هو أتبع لمذهب أهل المدينة من مالك فقد انقطع ذلك.
ولسنا ننكر أن من الناس من أنكر على مالك مخالفته أولاً لأحاديثهم في بعض المسائل، كما يذكر عن عبد العزيز والدراوردي أنه قال له في مسألة تقدير المهر بنصاب السرقة: تعرقت يا أبا عبد الله- أي: صرت فيها إلى قول أهل العراق الذين يقدرون أقل المهر بنصاب السرقة-، لكن النصاب عند أبي حنيفة وأصحابه عشرة دراهم، وأما مالك والشافعي وأحمد فالنصاب عندهم ثلاثة دراهم أو ربع دينار كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة، فيقال أولاً أن مثل هذه الحكاية تدل على ضعف أقاويل أهل العراق عند أهل المدينة، وأنهم كانوا يكرهون للرجل أن
نام کتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني نویسنده : الآلوسي، محمود شكري جلد : 1 صفحه : 322