وقال السيوطي: " قد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط: أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته، وباللسان العربي وما يعرف معناه، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى".
قوله: "والتمائم". قال المصنف: "شيء يعلق على الأولاد من العين". وقال الخلخالي: التمائم جمع تميمة، وهي ما يعلق بأعناق الصبيان من خرزات وعظام لدفع العين، وهذا منهي عنه؛ لأنه لا دافع إلا الله، ولا يطلب دفع المؤذيات إلا بالله وبأسمائه وصفاته.
فرخص فيه بعض السلف، وبعضهم لم يرخص فيه ويجعله من المنهي عنه، منهم ابن مسعود رضي الله عنه. و"الرقى": هي التي تسمى العزائم، وخص منه الدليل ما خلا من الشرك، رخص فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم من العين والحمة
قال المصنف: "لكن إذا كان المعلق من القرآن فرخص فيه بعض السلف، وبعضهم لم يرخص فيه ويجعله من المنهي عنه. منهم ابن مسعود".
اعلم أن العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم اختلفوا في جواز تعليق التمائم التي من القرآن وأسماء الله وصفاته، فقالت طائفة: يجوز ذلك، وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص[1]، وهو ظاهر ما روي عن عائشة. وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد في رواية. وحملوا الحديث على التمائم التي فيها شرك.
وقالت طائفة: لا يجوز ذلك. وبه قال ابن مسعود وابن عباس. وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم، وبه قال جماعة من التابعين، منهم: أصحاب ابن مسعود وأحمد في رواية اختاره كثير من أصحابه، وجزم بها المتأخرون، واحتجوا بهذا الحديث وما في معناه[2]. [1] الرواية بذلك ضعيفة، ولا تدل على هذا ; لأن فيها أن ابن عمرو وكان يحفظه أولاده الكبار. ويكتبه في ألواح ويعلقه في عنق الصغار فالظاهر أنه كان يعلقه في اللوح ليحفظه الصغير لا على أنه تميمة، والتميمة تكتب في ورقة لا في لوح. وبدليل تحفيظه الكبار. وكيفما كان فهو عمل فردي من عبد الله بن عمرو لا يترك به حديث رسول الله، وعمل كبار الصحابة الذين لم يعملوا مثل عبد الله بن عمرو رضي الله عنهم. [2] في قرة العيون: والمقصود بيان أن هذه الأمور الشركية وإن خفيت فقد نهى عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، لكمال علمهم بما دلت عليه لا إله إلا الله من نفي الشرك قليله وكثيره؛ لتعلق القلب بغير الله في دفع الضر أو جلب نفع، وقد عمت البلوى بما هو أعظم من ذلك بأضعاف مضاعفة, فمن عرف هذه الأمور الشركية المذكورة في هذين البابين عرف ما وقع مما هو أعظم من ذلك كما تقدم بيانه, وفيه ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من التحذير من الشرك والتغليظ في إنكاره، وإن كان من الشرك الأصغر فهو أكبر من الكبائر.