قوله: "قول الله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} الآيات". وكانت اللات لثقيف، والعزى لقريش وبني كنانة، ومناة لبني هلال. وقال ابن هشام: كانت لهذيل وخزاعة.
فأما "اللات" فقرأ الجمهور بتخفيف التاء، وقرأ ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وحميد وأبو صالح ورويس بتشديد التاء.
فعلى الأولى قال الأعمش: سموا اللات من الإله، والعزى من العزيز. قال ابن جرير: وكانوا قد اشتقوا اسمها من اسم الله تعالى، فقالوا: اللات مؤنثة منه، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا. قال: وكذا العزى من العزيز.
وقال ابن كثير: اللات كانت صخرة بيضاء منقوشة عليها بيت بالطائف له أستار وسدنة، وحوله فناء معظم عند أهل الطائف، وهم ثقيف ومن تبعها يفتخرون به على من عداهم من أحياء العرب بعد قريش. قال ابن هشام: فبعث رسول الله صلي الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة فهدمها وحرقها بالنار.
وعلى الثانية قال ابن عباس: " كان رجلا يلت السويق للحاج، فلما مات عكفوا على قبره " ذكره البخاري. قال ابن عباس: " كان يبيع السويق والسمن عند صخرة
ويسلؤه عليها، فلما مات ذلك الرجل عبدت ثقيف تلك الصخرة إعظاما لصاحب السويق "[1] وعن مجاهد نحوه وقال: " فلما مات عبدوه". رواه سعيد بن منصور. وكذا روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس: "أنهم عبدوه" وبنحو هذا قال جماعة من أهل العلم.
قلت: لا منافاة بين القولين؛ فإنهم عبدوا الصخرة والقبر تأليها وتعظيما. [1] وفي النهاية: السلاء السمن. وفي فتح الباري (ج8 ص433) : وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس -ولفظه في زيادة- " وكان يلت السويق على الحجر, فلا يشرب منه أحد إلا سمن, فعبدوه". واختلف في اسم هذا الرجل, فعن مجاهد: "كان رجلا في الجاهلية على صخرة بالطائف وعليها له غنم فكان يسلؤ من رسلها. ويأخذ من زبيب الطائف والأقط فيجعل منه حيسا ويطعم من يمر به من الناس. فلما مات عبدوه". وزعم بعض الناس أنه عامر بن الظرب. اهـ مختصرا.