قوله: "وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " لا تجعلوا بيوتكم قبورا ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم " [1] رواه أبو داود بإسناد حسن. ورواته ثقات"[2].
قوله: " لا تجعلوا بيوتكم قبورا " قال شيخ الإسلام: أي لا تعطلوها من الصلاة فيها والدعاء والقراءة، فتكون بمنزلة القبور، فأمر بتحري العبادة في البيوت ونهى عن تحريها عند القبور، عكس ما يفعله المشركون من النصارى ومن تشبه بهم من هذه الأمة.
وفي الصحيحين عن ابن عمر مرفوعا: " اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا "[3].
وفي صحيح مسلم عن ابن عمر مرفوعا: " لا تجعلوا بيوتكم مقابر؛ فإن الشيطان يفر من البيت الذي يسمع سورة البقرة تقرأ فيه " [4].
قوله: " ولا تجعلوا قبري عيدا " قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: " العيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد، عائدا إما بعود السنة أو بعود الأسبوع أو الشهر ونحو ذلك".
وقال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: العيد ما يعتاد مجيئه وقصده من زمان ومكان، مأخوذ من المعاودة والاعتياد. فإذا كان اسما للمكان فهو المكان الذي يقصد فيه الاجتماع وانتيابه للعبادة وغيرها، كما أن المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة والمشاعر جعلها الله عيدا للحنفاء ومثابة، كما جعل أيام العيد فيها عيدا. وكان للمشركين أعياد زمانية ومكانية. فلما جاء الله بالإسلام أبطلها وعوض الحنفاء منها عيد الفطر وعيد النحر وأيام منى، كما عوضهم من أعياد المشركين المكانية بالكعبة ومنى ومزدلفة وعرفة والمشاعر".
قوله: " وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ".
قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: " يشير بذلك إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري وبُعدكم، فلا حاجة لكم إلى اتخاذه عيدا".
قوله: " لا تجعلوا بيوتكم قبورا " تقدم كلام شيخ الإسلام في معنى الحديث قبله اهـ.
قوله: "وعن علي بن الحسين رضي الله عنه " أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلي الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو، فنهاه وقال: ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ قال: لا تتخذوا قبري عيدا، [1] صحيح. تقدم تخريجه برقم [117] . [2] في قرة العيون: قال الحافظ محمد بن عبد الهادي: هو حديث حسن، جيد الإسناد, وله شواهد يرتقي بها إلى درجة الصحة. نهاهم صلى الله عليه وسلم أن يهجروا بيوتهم عن الصلاة فيها, كما تهجر القبور عن الصلاة إليها, مخافة الفتنة بها, وما يفضي إلى عبادتها من دون الله؛ لأن النهي عن ذلك قد تقرر عندهم, فنهاهم أن يجعلوا بيوتهم كذلك. [3] البخاري: كتاب الصلاة (432) : باب كراهية الصلاة في المقابر. ومسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها (777) (208) : باب استحباب صلاة النافلة في بيتها وجوازها في المسجد. [4] مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها (780) (212) : باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوزها في المسجد. (*) وهو عن أبي هريرة وليس ابن عمر كما ذكر المصنف.