بن أخطب وكعب بن الأشرف إلى أهل مكة فقالوا لهم: أنتم أهل الكتاب وأهل العلم، فأخبرونا عنا وعن محمد. فقالوا: ما أنتم وما محمد؟ فقالوا: نحن نصل الأرحام، وننحر الكوماء، ونسقي الماء على اللبن، ونفك العناة، ونسقي الحجيج. ومحمد صنبور، قطع أرحامنا، واتبعه سراق الحجيج من غفار. فنحن خير أم هو؟ فقالوا: أنتم خير وأهدى سبيلا. فأنزل الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً} [1].
وقوله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ (مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} [2].
وفي مسند أحمد عن ابن عباس نحوه.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان ". وكذلك قال ابن عباس وأبو العالية ومجاهد والحسن وغيرهم. وعن ابن عباس وعكرمة وأبي مالك: " الجبت: الشيطان- زاد ابن عباس-: بالحبشية ". وعن ابن عباس أيضا: "الجبت: الشرك". وعنه: "الجبت: الأصنام". وعنه: "الجبت: حيي بن أخطب".
وعن الشعبي: "الجبت: الكاهن". وعن مجاهد: "الجبت: كعب بن الأشرف" قال الجوهري: "الجبت: كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر" ونحو ذلك[3].
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: " وفيه معرفة الإيمان بالجبت والطاغوت في هذا الموضع هل هو اعتقاد قلب، أو هو موافقة أصحابها، مع بغضها ومعرفة بطلانها؟ ". [1] قال الحافظ ابن كثير: وقد روي هذا من غير وجه عن ابن عباس وجماعة من السلف. وقال الإمام أحمد عن عكرمة عن ابن عباس قال: "لما قدم كعب بن الأشرف مكة قالت قريش: ألا ترى هذا الصنبور المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا، ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة وأهل السقاية. قال: أنتم خير. قال: فنزلت فيهم: إن شانئك هو الأبتر) . ونزل (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) الآية. و"الكوماء" الناقة العظيمة السنام لسمنها. و"العناة" جمع "عان" وهو الأسير. و"الصنبور" الأبتر الذي لا عقب له. وأصله سعفة تنبت في جذع النخلة لا في الأرض, وقيل: هي النخلة المنفردة التي دق أسفلها. أرادوا أنه إذا بلغ انقطع ذكره كما يذهب الصنبور لأنه لا عقب له. [2] سورة المائدة آية: 60. [3] زاد ابن كثير عن الجوهري: وفي الحديث: "الطيرة والعيافة والطرق من الجبت". قال ابن كثير: رواه الإمام أحمد عن قبيصة بن مخارق.